رعب اليهود من انتشار الإسلام في أوروبا وأمريكا
تصور اليهود عن انتشار الإسلام في الغرب خاصة ... وواجبنا نحو نشر الدين.
قديماً قال ياسر بن أخطب لأخيه حيي بن أخطب عندما قَدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة النبوية: أَهُوَ هُوَ؟ قال: نعم والله!! قال: تعرفه بنعته وصفته؟ قال: نعم، والله! قال: فماذا في نفسك منه؟ قال: عداوته ما بقيت.
وصدق الله العظيم القائل: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا} [المائدة: 82].
وحديثاً قال حاييم بيالك وهو شاعر صهيوني : "إنني أكره أن أنظر إلى وجه اليهودي الشرقي؛ لأنه يذكرني بوجه العربي" وحديثاً أيضاً قال الحَــبْر اليهودي زعيم حزب "شاس" عوفديا يوسف الذي يباشر بنفسه عملية تهويد القدس : إن العرب حشرات وحيوانات ولا يستحقون العيش وأنهم غير آدميين؛ إلى غير ذلك من قاموس البذاءات الذي يتقنه هذا اليهودي اللعين.
ومع حقدهم وكرههم وعداوتهم للإسلام والمسلمين فهم في الوقت نفسه يخافون ويرهبون من انتشار هذا الدين في ربوع الأرض.
فقد كتبت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقول في عددها الصادر في آخر يونيو عام 2001م : "كما هو الحال في غرب أوروبا كذلك أدت الزيادة الكبيرة في الولايات المتحدة في عدد المسلمين إلى ازدياد نفوذهم السياسي. ومن المستحيل على سبيل المثال رفض أو معارضة التقدير الذي كان يقول: إن فرص آل جور في الفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية كانت كبيرة لولا أن جزءاً من أصوات الناخبين كانت متجهة إلى مرشح الخضر رالف نادر، كل هذا حدث؛ لأن نسبة كبيرة من ناخبي نادر الذي هو من أصل عربي كانوا من أصل عربي أيضاً، ومن المعتقد أنه لو لم يكن موجوداً لكان جزء كبير منهم على الأقل قد منح صوته للحزب الديمقراطي الذي يجذب أصوات الأقليات العرقية بشكل تقليدي.
ومن المشكوك فيه أن تكون هذه الحقيقة قد استُوعبت جيداً في إسرائيل، أو استوعبت دلالة تعاظم قوة الجماعات العرقية بشكل عام وعلى رأس هذه الجماعات اللوبي العربي والإسلامي في أمريكا. إن قيمة وثقل اللوبي العربي والإسلامي لا زالت أقل بكثير من قيمة وثقل اللوبي اليهودي، ويرجع ثقل الأخير إلى تركز الناخبين اليهود في عدد من المناطق الجغرافية المهمة من حيث تأثيرها الانتخابي كنيويورك وفلوريدا وكاليفورنيا، وإلى الانخراط الكبير لليهود في الحياة الأمريكية العامة، وإلى نسبة التبرعات التي يقدمونها للأحزاب خاصة الحزب الديمقراطي .
بيد أن الزيادة في عدد المسلمين وتعاظم وتزايد وعيهم السياسي وخاصة الطلاب العرب والذين يلاحظ أنهم من أكثر العرب نشاطاً وحركية من الناحية السياسية وكذلك التضاؤل في عدد اليهود نتيجة لزيجاتهم المختلطة وذوبانهم في المجتمع الأمريكي، كل ذلك سوف يلعب مستقبلاً دوراً في ميزان القوى المتنافسة على النفوذ بواشنطن، وقد أصبح ذلك ملموساً ومحسوساً في نشاطات جماعات الضغط العربية بالكونجرس؛ فقد كتب ديفيد هاريس مدير عام اللجنة اليهودية الأمريكية في "الجيروزاليم ريالورت": ينبغي ألا نتجرأ على التقليل (من أهمية) جماعات الضغط العربية والإسلامية.
وفي المقابل يؤكد التقرير السنوي الأخير الذي أصدرته رابطة مكافحة التشهير أنه حدثت زيادة كبيرة منذ تفجر انتفاضة الأقصى في عدد حوادث معاداة السامية في الولايات المتحدة. وتعود نسبة هذه الزيادة صراحة إلى الوسط العربي؛ فإن التقرير يقول: إن القفزة الحادة للغاية في عدد الحوادث (50%) قد حدثت في نيويورك "التي يعيش فيها العرب واليهود جنباً إلى جنب".
إن التغييرات في النسب العددية بين العرب واليهود ينبغي أن نراها وأن نضعها نصب أعيننا إزاء التغييرات الديمغرافية العامة التي تحدث في تشكيل السكان الأمريكيين حالياً؛ فنسبة الأقليات العرقية التي لا تنتمي أو التي لا تنسب نفسها ولا تدين بالولاء للأمريكيين ذوي الأصل الأوروبي تتزايد باضطراد.
إن التنبؤات والتوقعات التي تقول إن (البيض) سوف يصبحون بعد خمسين عاماً أقلية بين سكان الولايات المتحدة قد وصفت في التحليل الذي نشرته صحيفة "النيويورك تايمز" مؤخراً بأنها توقعات مبالغ فيها، إلا أن (البيض بما فيهم الأسبان) يمثلون حالياً نسبة تقترب من 65% من مجموع السكان، وقد انخفضت نسبتهم في العقد الأخير بمقدار 5%.
هذه الظاهرة تبرز في المدن الكبيرة التي تمنح تجمعاتها اليهودية حالياً قوة كبيرة لجماعات الضغط اليهودية.
إن (البيض) قد أصبحوا أقلية في 48 مدينة من بين مائة من أكبر مدن الولايات المتحدة. وهذه الظاهرة تواكبها زيادة في عدد المسلمين بين السكان السود، ويعد المسلمون السود بشكل عام أكثر عداءً تجاه اليهود من السكان النصارى، وينعكس ذلك بصفة خاصة في العلاقة والمعاملة لإسرائيل.
وتستطرد الصحيفة قائلة: "إن خوف اليهود من زيادة نفوذ المسلمين وتأثيرهم على الكونجرس والرأي العام الأمريكي يعضده ويقويه الانخفاض الكبير في عدد النواب اليهود في مجلس النواب، ولا يزال نصيب اليهود أكبر بكثير من نصيبهم النسبي بين السكان، إلا أن عددهم انخفض من 32 إلى 25 منذ استيلاء الجمهوريين على أغلبية المقاعد في مجلس النواب في عام 1994م؛ فمن بين ال 25 نائباً يهودياً هناك اثنان فقط جمهوريان و 22 ديمقراطياً، وواحد مستقل، وفي ذلك كتب هاريس يقول: "إن الزعماء العرب والمسلمين الأمريكيين يدركون جيداً الدور الحساس والرئيسي الذي يلعبه اليهود في منظومة العلاقات الخاصة التي تجمع بين الولايات المتحدة وبين إسرائيل؛ وقد توصلوا إلى استنتاج مؤداه أن تخفيض قوة الجالية اليهودية الأمريكية النسبية يعد أمراً مركزياً لتحقيق أهدافهم.
لقد قامت المنظمات الإسلامية بالمبادرة بعمليات مقاطعة ناجحة للشركات الأمريكية التي تعمل من أجل إسرائيل ولصالحها، أو التي اتهمت بتأييدها ودعمها. كذلك تقوم هذه المنظمات بالترويج القائل بأن عدد المسلمين في الولايات المتحدة قد بلغ ستة ملايين مسلم. فخبراء علم السكان (الديمغرافية) يختلفون مع هذا الرأي إلا أن هذا الرقم هدفه إثارة الانطباع (غير الصحيح) بأنه يوجد حالياً مسلمون أكثر عدداً من اليهود الذين يبلغ عددهم حوالي خمسة ملايين يهودي.
هذا الخوف والهلع من انتشار الإسلام في الولايات المتحدة وأوروبا جعل اليهود يرصدون كل صغيرة وكبيرة عن الإسلام في أصقاع الأرض؛ فقد ذكرت نفس الصحيفة "هآرتس" نقلاً عن صحيفة البوسطن جلوب هذا الموضوع محذرة من انتشار الإسلام بين الفتيات والنساء الأمريكيات والأوروبيات، فذكرت الصحيفة في عددها الصادر بتاريخ 25-6-2001م تقول: "كان والد سارة جارتسيانو كاثوليكياً ابتعد عن الدين بينما كانت أمها تعمل في الكنيسة اليانتكوستية، بحيث وجدت نفسها وهي في سن الرابعة عشرة متوزعة وممزقة بين عدم إيمان والدها وأصولية والدتها، وأخذت تستعير من المكتبة كتباً عن البوذية والهندوسية واليهودية، وكتباً عن الإسلام، ووجدت نفسها منجذبة إلى الإسلام الذي بدا لها من خلال قراءاتها أكثر صدقاً وصراحة ووضوحاً من نصرانية أمها، وفي الثامن من مارس الماضي قالت الأمريكية الشابة وهي طالبة في عامها الأول في وولسلي كوليج عبارة واحدة: "أؤمن أنه لا إله غير الله وأن محمداً نبيه" [أي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله]، وأصبحت مسلمة، وحينما سئلت عن سبب اعتناقها الإسلام قالت: "إن النصرانية هي الذهاب مرة واحدة في الأسبوع إلى الكنيسة ومحاولة أن تكون إنساناً طيباً، بينما الإسلام طريق حياة ومنهج حياة متكامل".
وتعد سارة واحدة من عدد يتنامى باضطراد من نساء بوسطن اللائي يعتنقن الإسلام، وفي مسجد "الاتحاد الإسلامي" ببوسطن في كمبريدج ماستشوستس يبلغ عددهن ضعف عدد الرجال المسلمين الجدد. وهذا الاتجاه يتناقض مع الصوة العامة بالولايات المتحدة؛ فحسب بحث أجراه مؤخراً "مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية" فإن ثلثي المسلمين الجدد بالولايات المتحدة هم من الذكور.
إن النسوة الأمريكيات اللاتي يلجأن إلى الإسلام على وعي وإدراك بأن المحيطين بهن لا يفهمون سبب اختيار وتفضيل السيدة أو الفتاة الأمريكية للدين الذي يوصف بأنه يقمع النساء ويضطهدهن، إلا أنهن يقلن إن هذا الوصف ما هو إلا صورة كاذبة، وإن الإسلام على عكس هذه الصورة متقدم ومتطور بالفعل في قضايا الحدود أكثر من تقاليد غربية كثيرة، ويقلن إن الإسلام سمح للنساء بحيازة الممتلكات وامتلاك الثروات، ويشرن إلى أن الإسلام سبق بذلك ثقافات وحضارات غربية بوقت طويل.
ويضفن أنه بتكوين وبرسم صورة أكثر مساواة للحضارة وللأدب الإسلامي بالولايات المتحدة، على النقيض من أماكن أخرى في العالم، سيصبح بمقدورهن التأثير على المسلمين في جميع أنحاء العالم.
وتقول كريستينا التي أصبحت فيما بعد (صفية طوبيا ناحي) وتبلغ من العمر ثلاثين عاماً من سومرفيل وأمها يهودية علمانية وأبوها كاثوليكي، اعتنقت الإسلام منذ ستة أعوام تقول: "لسوء الحظ أن الطريقة التي يطبق بها الإسلام اليوم في العديد من الدول غير مثالية، إن دولاً كثيرة تتابع وتراقب تطبيق الإسلام هنا، ونحن لدينا القدرة والإمكانية التي تجعلنا قدوة ونموذجاً قوياً يحتذي به الرجال والنساء في الدول الأخرى".
وحسب رأي النساء النصرانيات البيض اللائي يُعتبَرْن أغلبية بين معتنقي الإسلام في مسجد الاتحاد الإسلامي بكمبريدج فإن تبني واعتناق الإسلام معناه بشكل عام تغيير نمط الحياة والمعيشة حيث يغطين شعورهن بشال يسمى الحجاب، ويتبعن قوانين الطعام والغذاء الإسلامية التي تتضمن حظراً على تناول لحم الخنزير واحتساء الكحول، ويؤدين الصلاة خمس مرات في اليوم، والكثير من أبناء عائلاتهن وأقاربهن يتألمون ويتحسرون على التغيير الذي حدث لهن. وتقول سارة: "إن أبي قد جن جنونه بالفعل ويقول لي متهكماً: إنك لن تستطيعي الحصول على عمل جيد إطلاقاً أو زوج حسن. أما أمي فقد بكت ورددت اسم يسوع أمامي" وتضيف: "وعندما عدت إلى البيت في عطلة الربيع الماضي لم يرد أبي أن يراني أبناؤه الآخرون بحجابي".
إن الإسلام يولي قيمة كبيرة للعلاقات الأسرية، ولا تزال سارة تتحدث عن محاولاتها إصلاح وتعديل علاقاتها إلا أنها لا زالت تجد صعوبة في ذلك، لقد توقف والدها عن دفع رسوم دراستها في الكلية. وتستطرد سارة بعد ارتدائها للحجاب الإسلامي قائلة: "فيما مضى اعتاد كل أنواع الطفيليين الاقتراب مني يسألونني: "هل يمكن مداعبة شعرك؟ وكان ذلك يطيش عقلي ويضايقني، وقد حررني الواقع الجديد؛ لأن الأشخاص لا ينظرون إليك ولا يفكرون أو يتخيلون جسمك ولا تسريحة شعرك؛ ولا يشغلون أنفسهم بالتفكير في كيفية البدء معك".
تقول هدى الشرقاوي [مديرة جماعة الدعم وجماعة تعليم النساء المسلمات الجديدات في مسجد كمبريدج]: "إن حوالي الثلث من تلميذاتها يصلن إلى الإسلام عن طريق زميل أو صديق مسلم، بينما تصل الأخريات عن طريق أصدقاء أو بمبادرتهن البحتة، والكثيرات من النساء المسلمات الجديدات مثقفات وخريجات جامعات معروفة بتسامحها الكبير، وفي كمبريدج معظم النساء المسلمات الجديدات من البيض والقليل منهن من الأفريقيات الأمريكيات والهنود الحمر.
بعض المسلمات الجدد قلن إن خلفيتهن الدينية قد أصابتهن بالإحباط وخيبة الأمل؛ فقد اعتنقت لاورا كوهون (20 عاماً) وهي طالبة في جامعة هارفارد الإسلام بعد أن درست كتباً بمساعدة زميل في المدرسة الثانوية، بعد ذلك وقبل اعتناقها الإسلام عرفت معلومات أكثر عن الإسلام عن طريق الإنترنت وعن طريق دورة دراسية بالكلية. وتقول: كل ما اكتشفته عن الإسلام بدا لي منطقياً وعقلانياً عندئذ، وذات مساء جلست منذ أربعة أعوام بغرفتي بدار الطالبات أمام المنضدة وأخذت أردد: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فأحسست أن حجراً ثقيلاً قد أُزيح عن صدري. واتصلت بمسلمين آخرين؛ وأخذت تبعث برسائل بالبريد الإلكتروني إلى مسجد كمبريدج طالبة النصح والمشورة، وتستطرد قائلة: وكان ذلك سهلاً ويسيراً، لقد انتقلت إلى عالم جديد؛ لأنني ظللت أشعر لفترة طويلة أنني وحيدة، وكان ولوجي عالم الإسلام الفسيح سهلاً بطريقة لا تصدق.
وأخيراً تتساءل الصحيفة:" ما الذي يدفع الفتيات الأمريكيات إلى اعتناق الإسلام؟" ا. هـ.
وهذا السؤال لا يحتاج إلى كثير عناء للإجابة عليه، ولكن علينا بوصفنا دعاة إلى الله عز وجل أن نعيد قراءة هذا الموضوع بتأنٍّ لنقف على ما يحتاجه المسلمون الجدد في أوروبا وأمريكا، وأن نقوم بمد يد المساعدة لهم وتقديم كل عون ومؤازرة، وكذلك ندعو إلى تضافر كل الجهود لبذل أقصى ما يمكن تقديمه من وسائل وأساليب حديثة لمساعدة القائمين على التعريف بدين الإسلام.
كذلك ندعو إلى النهوض بالمراكز الإسلامية في جميع أنحاء العالم، ولا بد من فتح أكثر من مركز إسلامي في البلد الواحد وتدعيم هذه المراكز بكل الوسائل المتاحة والممكنة.
وهذا العبء يقع على كاهل الدول الإسلامية الحريصة على نشر هذا الدين في ربوع الأرض، وكذلك على الهيئات والمؤسسات الإسلامية.
إن العبء الذي يتحمله القائمون على هذه المراكز ثقيل؛ فكم من تائه وضال في تلك الدول يحتاج إلى من يرشده ويدله إلى الهداية والطريق المستقيم، وكم من تائهة وحائرة تبحث عمن يمد لها يد المساعدة ليأخذ بيدها إلى نور الهداية وطريق الإسلام، وكم من قائل من المسلمين الجدد : ما ذنب أبي وأمي أن أحداً لم يعرض عليهم الإسلام؟ إن ذنبهم في رقاب الذين تقاعسوا عن التعريف بهذا الدين، إن ذنبهم في رقاب الدول والحكومات الإسلامية التي تقاعست هي الأخرى عن نشر رسالة الإسلام وانغلقت على نفسها.
إن المراكز الإسلامية المنتشرة في أوروبا وأمريكا بل وفي بقية دول العالم تعمل معظمها إن لم يكن أكثرها بالمجهودات الذاتية، ويقع عبء ذلك على الهيئات والمؤسسات الإسلامية التي تحتاج إلى من يتبناها ويمد لها يد المساعدة من الدول الإسلامية لنشر الإسلام الصحيح القائم على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والقائم على تعاليم القرآن والسنة الصحيحة بفهم السلف الصالح.
تصور اليهود عن انتشار الإسلام في الغرب خاصة ... وواجبنا نحو نشر الدين.
قديماً قال ياسر بن أخطب لأخيه حيي بن أخطب عندما قَدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة النبوية: أَهُوَ هُوَ؟ قال: نعم والله!! قال: تعرفه بنعته وصفته؟ قال: نعم، والله! قال: فماذا في نفسك منه؟ قال: عداوته ما بقيت.
وصدق الله العظيم القائل: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا} [المائدة: 82].
وحديثاً قال حاييم بيالك وهو شاعر صهيوني : "إنني أكره أن أنظر إلى وجه اليهودي الشرقي؛ لأنه يذكرني بوجه العربي" وحديثاً أيضاً قال الحَــبْر اليهودي زعيم حزب "شاس" عوفديا يوسف الذي يباشر بنفسه عملية تهويد القدس : إن العرب حشرات وحيوانات ولا يستحقون العيش وأنهم غير آدميين؛ إلى غير ذلك من قاموس البذاءات الذي يتقنه هذا اليهودي اللعين.
ومع حقدهم وكرههم وعداوتهم للإسلام والمسلمين فهم في الوقت نفسه يخافون ويرهبون من انتشار هذا الدين في ربوع الأرض.
فقد كتبت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقول في عددها الصادر في آخر يونيو عام 2001م : "كما هو الحال في غرب أوروبا كذلك أدت الزيادة الكبيرة في الولايات المتحدة في عدد المسلمين إلى ازدياد نفوذهم السياسي. ومن المستحيل على سبيل المثال رفض أو معارضة التقدير الذي كان يقول: إن فرص آل جور في الفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية كانت كبيرة لولا أن جزءاً من أصوات الناخبين كانت متجهة إلى مرشح الخضر رالف نادر، كل هذا حدث؛ لأن نسبة كبيرة من ناخبي نادر الذي هو من أصل عربي كانوا من أصل عربي أيضاً، ومن المعتقد أنه لو لم يكن موجوداً لكان جزء كبير منهم على الأقل قد منح صوته للحزب الديمقراطي الذي يجذب أصوات الأقليات العرقية بشكل تقليدي.
ومن المشكوك فيه أن تكون هذه الحقيقة قد استُوعبت جيداً في إسرائيل، أو استوعبت دلالة تعاظم قوة الجماعات العرقية بشكل عام وعلى رأس هذه الجماعات اللوبي العربي والإسلامي في أمريكا. إن قيمة وثقل اللوبي العربي والإسلامي لا زالت أقل بكثير من قيمة وثقل اللوبي اليهودي، ويرجع ثقل الأخير إلى تركز الناخبين اليهود في عدد من المناطق الجغرافية المهمة من حيث تأثيرها الانتخابي كنيويورك وفلوريدا وكاليفورنيا، وإلى الانخراط الكبير لليهود في الحياة الأمريكية العامة، وإلى نسبة التبرعات التي يقدمونها للأحزاب خاصة الحزب الديمقراطي .
بيد أن الزيادة في عدد المسلمين وتعاظم وتزايد وعيهم السياسي وخاصة الطلاب العرب والذين يلاحظ أنهم من أكثر العرب نشاطاً وحركية من الناحية السياسية وكذلك التضاؤل في عدد اليهود نتيجة لزيجاتهم المختلطة وذوبانهم في المجتمع الأمريكي، كل ذلك سوف يلعب مستقبلاً دوراً في ميزان القوى المتنافسة على النفوذ بواشنطن، وقد أصبح ذلك ملموساً ومحسوساً في نشاطات جماعات الضغط العربية بالكونجرس؛ فقد كتب ديفيد هاريس مدير عام اللجنة اليهودية الأمريكية في "الجيروزاليم ريالورت": ينبغي ألا نتجرأ على التقليل (من أهمية) جماعات الضغط العربية والإسلامية.
وفي المقابل يؤكد التقرير السنوي الأخير الذي أصدرته رابطة مكافحة التشهير أنه حدثت زيادة كبيرة منذ تفجر انتفاضة الأقصى في عدد حوادث معاداة السامية في الولايات المتحدة. وتعود نسبة هذه الزيادة صراحة إلى الوسط العربي؛ فإن التقرير يقول: إن القفزة الحادة للغاية في عدد الحوادث (50%) قد حدثت في نيويورك "التي يعيش فيها العرب واليهود جنباً إلى جنب".
إن التغييرات في النسب العددية بين العرب واليهود ينبغي أن نراها وأن نضعها نصب أعيننا إزاء التغييرات الديمغرافية العامة التي تحدث في تشكيل السكان الأمريكيين حالياً؛ فنسبة الأقليات العرقية التي لا تنتمي أو التي لا تنسب نفسها ولا تدين بالولاء للأمريكيين ذوي الأصل الأوروبي تتزايد باضطراد.
إن التنبؤات والتوقعات التي تقول إن (البيض) سوف يصبحون بعد خمسين عاماً أقلية بين سكان الولايات المتحدة قد وصفت في التحليل الذي نشرته صحيفة "النيويورك تايمز" مؤخراً بأنها توقعات مبالغ فيها، إلا أن (البيض بما فيهم الأسبان) يمثلون حالياً نسبة تقترب من 65% من مجموع السكان، وقد انخفضت نسبتهم في العقد الأخير بمقدار 5%.
هذه الظاهرة تبرز في المدن الكبيرة التي تمنح تجمعاتها اليهودية حالياً قوة كبيرة لجماعات الضغط اليهودية.
إن (البيض) قد أصبحوا أقلية في 48 مدينة من بين مائة من أكبر مدن الولايات المتحدة. وهذه الظاهرة تواكبها زيادة في عدد المسلمين بين السكان السود، ويعد المسلمون السود بشكل عام أكثر عداءً تجاه اليهود من السكان النصارى، وينعكس ذلك بصفة خاصة في العلاقة والمعاملة لإسرائيل.
وتستطرد الصحيفة قائلة: "إن خوف اليهود من زيادة نفوذ المسلمين وتأثيرهم على الكونجرس والرأي العام الأمريكي يعضده ويقويه الانخفاض الكبير في عدد النواب اليهود في مجلس النواب، ولا يزال نصيب اليهود أكبر بكثير من نصيبهم النسبي بين السكان، إلا أن عددهم انخفض من 32 إلى 25 منذ استيلاء الجمهوريين على أغلبية المقاعد في مجلس النواب في عام 1994م؛ فمن بين ال 25 نائباً يهودياً هناك اثنان فقط جمهوريان و 22 ديمقراطياً، وواحد مستقل، وفي ذلك كتب هاريس يقول: "إن الزعماء العرب والمسلمين الأمريكيين يدركون جيداً الدور الحساس والرئيسي الذي يلعبه اليهود في منظومة العلاقات الخاصة التي تجمع بين الولايات المتحدة وبين إسرائيل؛ وقد توصلوا إلى استنتاج مؤداه أن تخفيض قوة الجالية اليهودية الأمريكية النسبية يعد أمراً مركزياً لتحقيق أهدافهم.
لقد قامت المنظمات الإسلامية بالمبادرة بعمليات مقاطعة ناجحة للشركات الأمريكية التي تعمل من أجل إسرائيل ولصالحها، أو التي اتهمت بتأييدها ودعمها. كذلك تقوم هذه المنظمات بالترويج القائل بأن عدد المسلمين في الولايات المتحدة قد بلغ ستة ملايين مسلم. فخبراء علم السكان (الديمغرافية) يختلفون مع هذا الرأي إلا أن هذا الرقم هدفه إثارة الانطباع (غير الصحيح) بأنه يوجد حالياً مسلمون أكثر عدداً من اليهود الذين يبلغ عددهم حوالي خمسة ملايين يهودي.
هذا الخوف والهلع من انتشار الإسلام في الولايات المتحدة وأوروبا جعل اليهود يرصدون كل صغيرة وكبيرة عن الإسلام في أصقاع الأرض؛ فقد ذكرت نفس الصحيفة "هآرتس" نقلاً عن صحيفة البوسطن جلوب هذا الموضوع محذرة من انتشار الإسلام بين الفتيات والنساء الأمريكيات والأوروبيات، فذكرت الصحيفة في عددها الصادر بتاريخ 25-6-2001م تقول: "كان والد سارة جارتسيانو كاثوليكياً ابتعد عن الدين بينما كانت أمها تعمل في الكنيسة اليانتكوستية، بحيث وجدت نفسها وهي في سن الرابعة عشرة متوزعة وممزقة بين عدم إيمان والدها وأصولية والدتها، وأخذت تستعير من المكتبة كتباً عن البوذية والهندوسية واليهودية، وكتباً عن الإسلام، ووجدت نفسها منجذبة إلى الإسلام الذي بدا لها من خلال قراءاتها أكثر صدقاً وصراحة ووضوحاً من نصرانية أمها، وفي الثامن من مارس الماضي قالت الأمريكية الشابة وهي طالبة في عامها الأول في وولسلي كوليج عبارة واحدة: "أؤمن أنه لا إله غير الله وأن محمداً نبيه" [أي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله]، وأصبحت مسلمة، وحينما سئلت عن سبب اعتناقها الإسلام قالت: "إن النصرانية هي الذهاب مرة واحدة في الأسبوع إلى الكنيسة ومحاولة أن تكون إنساناً طيباً، بينما الإسلام طريق حياة ومنهج حياة متكامل".
وتعد سارة واحدة من عدد يتنامى باضطراد من نساء بوسطن اللائي يعتنقن الإسلام، وفي مسجد "الاتحاد الإسلامي" ببوسطن في كمبريدج ماستشوستس يبلغ عددهن ضعف عدد الرجال المسلمين الجدد. وهذا الاتجاه يتناقض مع الصوة العامة بالولايات المتحدة؛ فحسب بحث أجراه مؤخراً "مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية" فإن ثلثي المسلمين الجدد بالولايات المتحدة هم من الذكور.
إن النسوة الأمريكيات اللاتي يلجأن إلى الإسلام على وعي وإدراك بأن المحيطين بهن لا يفهمون سبب اختيار وتفضيل السيدة أو الفتاة الأمريكية للدين الذي يوصف بأنه يقمع النساء ويضطهدهن، إلا أنهن يقلن إن هذا الوصف ما هو إلا صورة كاذبة، وإن الإسلام على عكس هذه الصورة متقدم ومتطور بالفعل في قضايا الحدود أكثر من تقاليد غربية كثيرة، ويقلن إن الإسلام سمح للنساء بحيازة الممتلكات وامتلاك الثروات، ويشرن إلى أن الإسلام سبق بذلك ثقافات وحضارات غربية بوقت طويل.
ويضفن أنه بتكوين وبرسم صورة أكثر مساواة للحضارة وللأدب الإسلامي بالولايات المتحدة، على النقيض من أماكن أخرى في العالم، سيصبح بمقدورهن التأثير على المسلمين في جميع أنحاء العالم.
وتقول كريستينا التي أصبحت فيما بعد (صفية طوبيا ناحي) وتبلغ من العمر ثلاثين عاماً من سومرفيل وأمها يهودية علمانية وأبوها كاثوليكي، اعتنقت الإسلام منذ ستة أعوام تقول: "لسوء الحظ أن الطريقة التي يطبق بها الإسلام اليوم في العديد من الدول غير مثالية، إن دولاً كثيرة تتابع وتراقب تطبيق الإسلام هنا، ونحن لدينا القدرة والإمكانية التي تجعلنا قدوة ونموذجاً قوياً يحتذي به الرجال والنساء في الدول الأخرى".
وحسب رأي النساء النصرانيات البيض اللائي يُعتبَرْن أغلبية بين معتنقي الإسلام في مسجد الاتحاد الإسلامي بكمبريدج فإن تبني واعتناق الإسلام معناه بشكل عام تغيير نمط الحياة والمعيشة حيث يغطين شعورهن بشال يسمى الحجاب، ويتبعن قوانين الطعام والغذاء الإسلامية التي تتضمن حظراً على تناول لحم الخنزير واحتساء الكحول، ويؤدين الصلاة خمس مرات في اليوم، والكثير من أبناء عائلاتهن وأقاربهن يتألمون ويتحسرون على التغيير الذي حدث لهن. وتقول سارة: "إن أبي قد جن جنونه بالفعل ويقول لي متهكماً: إنك لن تستطيعي الحصول على عمل جيد إطلاقاً أو زوج حسن. أما أمي فقد بكت ورددت اسم يسوع أمامي" وتضيف: "وعندما عدت إلى البيت في عطلة الربيع الماضي لم يرد أبي أن يراني أبناؤه الآخرون بحجابي".
إن الإسلام يولي قيمة كبيرة للعلاقات الأسرية، ولا تزال سارة تتحدث عن محاولاتها إصلاح وتعديل علاقاتها إلا أنها لا زالت تجد صعوبة في ذلك، لقد توقف والدها عن دفع رسوم دراستها في الكلية. وتستطرد سارة بعد ارتدائها للحجاب الإسلامي قائلة: "فيما مضى اعتاد كل أنواع الطفيليين الاقتراب مني يسألونني: "هل يمكن مداعبة شعرك؟ وكان ذلك يطيش عقلي ويضايقني، وقد حررني الواقع الجديد؛ لأن الأشخاص لا ينظرون إليك ولا يفكرون أو يتخيلون جسمك ولا تسريحة شعرك؛ ولا يشغلون أنفسهم بالتفكير في كيفية البدء معك".
تقول هدى الشرقاوي [مديرة جماعة الدعم وجماعة تعليم النساء المسلمات الجديدات في مسجد كمبريدج]: "إن حوالي الثلث من تلميذاتها يصلن إلى الإسلام عن طريق زميل أو صديق مسلم، بينما تصل الأخريات عن طريق أصدقاء أو بمبادرتهن البحتة، والكثيرات من النساء المسلمات الجديدات مثقفات وخريجات جامعات معروفة بتسامحها الكبير، وفي كمبريدج معظم النساء المسلمات الجديدات من البيض والقليل منهن من الأفريقيات الأمريكيات والهنود الحمر.
بعض المسلمات الجدد قلن إن خلفيتهن الدينية قد أصابتهن بالإحباط وخيبة الأمل؛ فقد اعتنقت لاورا كوهون (20 عاماً) وهي طالبة في جامعة هارفارد الإسلام بعد أن درست كتباً بمساعدة زميل في المدرسة الثانوية، بعد ذلك وقبل اعتناقها الإسلام عرفت معلومات أكثر عن الإسلام عن طريق الإنترنت وعن طريق دورة دراسية بالكلية. وتقول: كل ما اكتشفته عن الإسلام بدا لي منطقياً وعقلانياً عندئذ، وذات مساء جلست منذ أربعة أعوام بغرفتي بدار الطالبات أمام المنضدة وأخذت أردد: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فأحسست أن حجراً ثقيلاً قد أُزيح عن صدري. واتصلت بمسلمين آخرين؛ وأخذت تبعث برسائل بالبريد الإلكتروني إلى مسجد كمبريدج طالبة النصح والمشورة، وتستطرد قائلة: وكان ذلك سهلاً ويسيراً، لقد انتقلت إلى عالم جديد؛ لأنني ظللت أشعر لفترة طويلة أنني وحيدة، وكان ولوجي عالم الإسلام الفسيح سهلاً بطريقة لا تصدق.
وأخيراً تتساءل الصحيفة:" ما الذي يدفع الفتيات الأمريكيات إلى اعتناق الإسلام؟" ا. هـ.
وهذا السؤال لا يحتاج إلى كثير عناء للإجابة عليه، ولكن علينا بوصفنا دعاة إلى الله عز وجل أن نعيد قراءة هذا الموضوع بتأنٍّ لنقف على ما يحتاجه المسلمون الجدد في أوروبا وأمريكا، وأن نقوم بمد يد المساعدة لهم وتقديم كل عون ومؤازرة، وكذلك ندعو إلى تضافر كل الجهود لبذل أقصى ما يمكن تقديمه من وسائل وأساليب حديثة لمساعدة القائمين على التعريف بدين الإسلام.
كذلك ندعو إلى النهوض بالمراكز الإسلامية في جميع أنحاء العالم، ولا بد من فتح أكثر من مركز إسلامي في البلد الواحد وتدعيم هذه المراكز بكل الوسائل المتاحة والممكنة.
وهذا العبء يقع على كاهل الدول الإسلامية الحريصة على نشر هذا الدين في ربوع الأرض، وكذلك على الهيئات والمؤسسات الإسلامية.
إن العبء الذي يتحمله القائمون على هذه المراكز ثقيل؛ فكم من تائه وضال في تلك الدول يحتاج إلى من يرشده ويدله إلى الهداية والطريق المستقيم، وكم من تائهة وحائرة تبحث عمن يمد لها يد المساعدة ليأخذ بيدها إلى نور الهداية وطريق الإسلام، وكم من قائل من المسلمين الجدد : ما ذنب أبي وأمي أن أحداً لم يعرض عليهم الإسلام؟ إن ذنبهم في رقاب الذين تقاعسوا عن التعريف بهذا الدين، إن ذنبهم في رقاب الدول والحكومات الإسلامية التي تقاعست هي الأخرى عن نشر رسالة الإسلام وانغلقت على نفسها.
إن المراكز الإسلامية المنتشرة في أوروبا وأمريكا بل وفي بقية دول العالم تعمل معظمها إن لم يكن أكثرها بالمجهودات الذاتية، ويقع عبء ذلك على الهيئات والمؤسسات الإسلامية التي تحتاج إلى من يتبناها ويمد لها يد المساعدة من الدول الإسلامية لنشر الإسلام الصحيح القائم على الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والقائم على تعاليم القرآن والسنة الصحيحة بفهم السلف الصالح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق