الصفحات

الجمعة، 9 مارس 2012

كيفية أنتشرت المسيحية بحد السيف والصلب والتعذيب

 
كيف إنتشرت المسيحية ؟

كيف أمر المسيحيون بالمعروف وكيف نهوا عن المنكر عبر التاريخ و إلى يومنا هذا
لابد أن نعترف بالحق جميعاً ولكي أكون صادقاً فإن المسيحيين في بداية أمرهم تعرضوا للقتل والإهانة والذبح وكل أنواع التعذيب وهذا الذي تسبب في ضياع الكتاب المقدس من أيدي المسيحيين حتى قُتل المسيحيين الحق فهاهم أتباع وتلاميذ المسيح فهذا قُتل وهذا صُلب وهكذا كل أتباع المسيح وحتى الذين آمنوا ولم يروا التلاميذ تم قتلهم وذبحهم وتعذيبهم وإستمرت المسيحية هكذا قرون طويلة , تم حرق الكتب المقدسة وحرق كتابات الاباء وضياع النسخ الأصلية للكتاب المقدس , ومات أتباع المسيح الحق من التلاميذ والحواريين , حتى بدأ المسيحيين في القرن الثالث يخضعون للإمبراطورية الوثنية وبدأ قسطنطين الوثني يساعد المسيحيين ودخل المسيحية ومن هنا أقول بدأ إنتشار المسيحية الوثنية التي رسمها قسطنطين , فمن هو قسطنطين الذي نشر المسيحية بحد السيف ؟


قسطنطين ونشر المسيحية بحد السيف

قسطنطين الذي قال عنه القمص مرقس داود [1] :
( في تاريخ المسيحية برزت شخصيات كثيرة لعبت أدواراً رئيسية في الكنيسة . وهذه هي سيرة أحد هؤلاء الأشخاص . ويكفي القول هنا أن الكاتب هو نفس يوسابيوس مؤلف كتاب تاريخ الكنيسة والذي يعتبر في نظر جميع المؤرخين أنه هو أبو التاريخ الكنسي .. )

بل وإن الكنيسة المصرية الأرثوذكسية تتشفع به وتصلي له ,

قسطنطين قد ادعي أنه رأي المسيح في رؤيا ممسكا ًبصليب فيقول يوسابيوس القيصري [2] :

( كيف ظهر له في نومه مسيح الله وأمره بان يستعمل في حروبه علماً مصنوعاً على شكل صليب ,, وعلاوة على هذا قال خامرته الشكوك في داخله في معني هذه الرؤيا وبينما هو يتأمل ويفكر في فحواها أقبل الليل فجأة , ثم ظهر له في نومه مسيح الله بنفس العلامة التي رآها في السماء .)

ويوسابيوس أيضاً ينقل لنا تاريخ هذا الرجل وفتوحاته وامتلاكه للعالم بإسم الصليب فيقول[3] :

( على ان امبراطورنا بدأ ملكه في السن التي مات فيها المقدوني , ومع ذلك عاش ضعف عمره وملك ثلاثة أضعاف مدة ملكه وإذ أعطي جيشه التعليمات ليكونوا لطفاء ورحماء في حدود التقوي سار بجنوده حتى البريطانيين والأمم التي تسكن على حدود المحيط الغربي . وأخضع كذلك كل مملكة السكيثيين , وبالرغم من أنها في أقصي الشمال , وبالرغم أنها كانت مقسمة إلى قبائل متوحشة لا عدد لها وامتدت فتوحاته حتى إلى البليميين والإثيوبيين في أقصي حدود الجنوب ولم يخطر بباله أن امتلاك الممالك الشرقية أمر لا يستحق عنايته , وبالإيجاز ان ضياء نوره المقدس ذاع على أقصاء كل العالم حتى إلى حدود الهند البعيدة , والشعوب القيمة في أبعد أطراف المسكونة.. )

هذا قسطنطين الذي تبع أوامر الكتاب المقدس وإعتبر أن كل مخالف لفكره يستحق القتل ويكون ضده , وهذا بناءاَ على قول يسوع ( من ليس معي فهو علي .. )
إنجيل لوقا 9 : 50.

هكذا كان قسطنطين يحارب بل إن قسطنطين هذا الملك التي تصلي له الكنيسة الأرثوذكسية وتعتبره من العظماء مثل موسي كان يغصب الناس على الصلاة للمسيح مع إنهم وثنيين فيقول يوسابيوس القيصري[4] :

كيف أمر حتى جنوده الوثنيين ليصلوا في يوم الرب :


أما عن الذين كانوا لا يزالون وقتئذ بعيدين عن الإيمان الإلهي فقد أصدر أمراً ثانياً متضمناً بانهم يجب أن يظهروا يوم الرب في ساحة قرب المدينة وإذا ما أعطيت اشارة معينة قدموا لله بنفس واحدة صلاة تعلموها من قبل . وقد نصحهم بانهم يجب أن لا يتكلوا على رماحهم أو اسلحتهم أو قواتهم البدنية , بل يجب أن يعترفوا بالله العلي كمانح لكل خير , .... وكانت نص الصلاة هي :

ينعترف بأنك الإله الواحد ونعترف بأنك انت ملكنا , ونلتمس معونتك , بنعمتك أنتصرنا , وبك نحن أقوي من أعدائنا . نقدم لك الشكر من أجل نعمك الماضية , ونتكل عليك من أجل البركات المستقبلية . نتضرع إليك ونتوسل طويلاً أن تحفظ لنا إمبراطورنا قسطنطين وأنجاله الأتقياء سالمين منتصرين ..)

بل وأيضاً قد غصب على أعدائه أن يحفروا علامة الصليب على دروعهم [5] :

وأمر بحفر علامة صليب المخلص على دروع جنوده :

وليس ذلك فقط لكنه أمر أيضاً بحفر علامة الإنتصار المباركة على نفس دروع جنوده , وأمر بأن تتقدم راية الصليب فقط قواته المحاربة في مسيرها , لا التماثيل الذهبية كما كان متبعاً من قبل ...)

حتى أن هذا الرجل كان هو الحاكم وله السلطة في إصدار القرارات في المجامع مهما كان عدد المعارضين فيعلق المؤرخ المسيحي جون لوريمر عن أحداث مجمع نيقية فيقول[6] :


(ومن ثم فقد أراد أن يتحكم في سياسة الكنيسة فيما يختص بصحة المعتقد والهرطقة . ومع أنه نفسه لم يدعي أنه على دراية متميزة وفريدة في الأمور اللاهوتية , وأذعن لحكم الأساقفة إلا أن نفوذ قسطنطين هو الذي حسم القرار الأخير .. )

هذا فقط مجرد مثال عن كيفية إنتشار المسيحية في هذه القرون وليس فقط هذه القرون بل إستمرت المسيحية تنتشر بفرض الرأي وحتى ولو وصل الأمر إلى السيف والحرمان والتهديد وغيرها من الأساليب التي تفرض العقيدة على أناس يرفضون الإعتقاد بها ..

فمثلاً ثيئودوريت القورشي الذي رفض أن يوافق على قرار حرمان نسطور ولكن بالإكراه والضغط عليه وافق على هذا فيقول القمص تادرس يعقوب ملطي [7]:

( حُب ثيئودوريت وإخلاصه لنسطور قاده لأن يعتبر أن ما يعنيه نسطور هو بذاته ما يعنيه هو نفسه .... أثارت آراء ثيئودوريت الكريستولوجية كثيراً من الجدل . ويُجمع كثير من الدارسين على أنه تبني آراء نسطور حتى 435 – 436 م , ومن المحتمل حتى مجمع خلقيدونية . وتخلي عن تلك الأفكار على الأقل بعد 451

في مجمع خلقيدونية في عام 451م . قوبل في البداية بمعارضة شديدة .

ثم نوقشت قضيته في جلسة خاصة وأصر الآباء المجتمعون على أن ينطق بالحرمان ضد نسطور .. فإضطر أخيراً وعلى مضض أن ينصاع لأمرهم وأعلن :


محروم نسطور وكل من لا يعترف أن العذراء القديسة مريم هي والدة الإله , وكل من يقسم الإبن الوحيد المولود الوحيد إلى اثنين . وبناء على ذلك فقد أعُيد رسمياً إلى كرسيه الأسقفي ....)

فكان هكذا يتم فرض الرأي على المخالفين لفكرهم ويكرهونهم على إعتناق فكر أو مذهب أو الموافقة على مذهب مخالف لهم , وهذا مخالف تماماً لصريح القرآن الكريم وموافق تماماً لما في الكتاب المقدس !!

والتاريخ لا ينسي أبداً القديس آريوس الذي صرح بإيمانه بأن المسيح نبي ورسول ومخلوق وليس إله وبالطبع تم حرق كتبه بل وقتل أتباعه فيقول المؤرخ المسيحي جون لوريمر [8]:

( مع ان قسطنطين الذي لم تكن المسائل اللاهوتية واضحة أمامه مطلقاً قد إقتنع برأي 
الأسقف يوسابيوس حول إعادة النظر في أفكار أريوس إلا أنه لم يهتم بأريوس مطلقاً حتى سنة 332م كان يكتب هكذا " إذا اكتشفت رسالة كاتبها أريوس فليكن مصيرها النار .. حتى لا يترك أي ذكري له مهما كانت .. وإذا قُبض على أي شخص يخفي كتاباً لأريوس ولا يظهره ويحرقه على الفور , فعقابه الموت , وتنفذ فيه العقوبة فور ثبوت الجريمة " . )

وإستمر المسيحيين في قتل وإرهاب كل مخالف لهم في الرأي , ولا أحد ينسي ما فعله الكاثوليك في أخوانهم البروتستانت حتى أنهم كانوا يعتبروهم مهرطقين فكانت الكنيسة تعتقد أن كل إصلاحي لابد من قتله فيقول أندرو ملِر [9]:

( وفي عام 1400م اصبح حرق الهراطقة قانوناً دستورياً في إنجلترا جاء فيه " في مكان عام مرتفع أمام عيون الشعب يحرق الهرطوقي العديم الإصلاح حياً " وسرعان ما أخذ الأساقفة والإكليروس يبدأون عملهم ... )

هذه ليست الحقيقة كاملة وإنما أمثلة فقط مما قام به النصارى على مر التاريخ بنشر النصرانية بالإكراه والإرهاب والقتل والسيف !! والحق أقول لكم أن كلمة لا إكراه في الدين هي قاعدة إسلامية راسخة ليس لها أي وجود في النصرانية وعكسها تماماً في المسيحية ..

وبعد هذه المقدمة المبسطة سوف نقرأ معاً ما حدث في بعض الغزوات التي دار بين أهل الحق والباطل قتالا , وهل حقاً كانت دفاعاً أم كانت هجوماً !!

[1] كتاب حياة قسطنطين العظيم – تأليف يوسابيوس القيصري – تعريب القمص مرقس داود , مقدمة الكتاب .

[2] كتاب حياة قسطنطين العظيم – تأليف يوسابيوس القيصري – تعريب القمص مرقس داود – ك 1 ف 29 , صفحة 33 .

[3] كتاب حياة قسطنطين العظيم – تأليف يوسابيوس القيصري – تعريب القمص مرقس داود – ك 1 ف 8 , صفحة 13,14 .

[4] كتاب حياة قسطنطين العظيم – تأليف يوسابيوس القيصري – تعريب القمص مرقس داود – ك 4 ف 19.20 , صفحة 199 , 200

[5] كتاب حياة قسطنطين العظيم – تأليف يوسابيوس القيصري – تعريب القمص مرقس داود – ك 4 ف 21 , صفحة 200 .

[6] كتاب تاريخ الكنيسة – المؤرخ المسيحي جون لوريمر – صفحة 46 .


[7] نظرة شاملة لعلم الباترولوجي – القمص تادرس يعقوب ملطي – صفحة 152 , 153 .

[8] كتاب تاريخ الكنيسة –المؤرخ المسيحي جون لوريمر – الجزء الثالث , صفحة 50 .

[9] كتاب مختصر تاريخ الكنيسة – للؤرخ المسيحي أندرو ملِر صفحة 395 .

هكذا إنتشرت المسيحية !!
مما لا شك فيه أن صلبان النصارى هى رمز مؤلم يذكرنا بتاريخ دموى إقترن بها منذ إتخذها النصارى رمزا لديانتهم و إعلم أخى القارىء أن الصليب لم يعتمد كرمز رسمى للنصرانية و لم يوضع على الكنائس و الحوائط و الصدوربهذا الشكل المشين إلا فى عهد قسطنطين ذلك الإمبراطور الوثنى الظالم عندما كان يقاتل مكسنتيوس فى صراع دنىء من أجل السيطرة على الشق الشرقى و الغربى من الإمبراطورية الرومانية و إدعى قسطنطين أنه رأى بعد غروب الشمس هالة من النور فى السماء على شكل صليب و تحته عبارة "بهذا تنتصر"

فلما نام نام رأى فى منامه صورة المسيح و معه الصليب نفسه و أمره بإتخاذ الصليب شعارا له و الزحف على عدوه فورا فكانت الظاهرة و ما تبعها من تاييده للنصرانية و طبعا هذه القصة المذرية لا حجة بها على أحد و الناس ليسوا مطالبين بتصديق هذا السفاح و حتى الجنود فى المعركة لم يقاتلوا من أجل المسيح و لا المسيحية و إنما من أجل السلطان و النفوذ و لكن هذه القصة حجة على النصارى فهى دليل صريح على أن الصليب رمز الحرب و القتل و الدماء فهذا القسطنطين لم ير صليبا يأمره بالتقوى و بحقن الدماء بل رأى صليبا يقول له" بهذا تغلب"

أى بهذا تسفك دماء أعداءك و تذبحهم , بهذا تزيد من نفوذ الدولة الرومانية الغاشمة و تحافظ على ملكك الدنيوى الحقير –فأى دليل بعد هذا على أن الصليب رمز السيف و نقول للنصارى إن قلتم أن قسطنطين ليس بحجة فقد قلنا نحن ذلك قبلكم و تالله أنى يؤمن لشخص إستعمل الدين فى الحروب لتحصيل السلطان حتى أنه قتل زوجته و إبنه بعد ذلك و ظل على الوثنية فى الوقت الذى كان يرسم فيه النصرانية مع عصابة مجمع نيقية أصحاب قانون" الخيانة الحقيرة"
و لم يتعمد قسطنطين إلا على فراش الموت مع أن العماد شرط لدخول النصرانية عندهم لذا قال عنه المؤرخون الغربيون أمثال ول ديورانت أنه كان وثنيا مع الوثنيين و أريوسيا مع الأريوسيين و إسناثيوسيا مع الإسناثيوسيين لتحقيق أغراضه السياسية و رؤيته الصليب هذه لا تعدو أن تكون رؤيا شيطانية كما حدث مع بولس من قبل و من يطالع سيرة كليهما يرى بوضوح مدى ضلالهما ,

يقول تعالى"هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ
(223 "(الشعراء)

و حينها يجب عليكم أن تتخلو عن الصلبان لأنه هو الذى أدخلها أما إن قلتم أن رؤيا قسطنطين حق فهذا إعتراف منكم بحقيقة دلالة الصليب و قد ظلت النصرانية قبل ذلك و لمدة 300 عام دعوى مغمورة لا يتبعها سوى 10% من سكان الإمبراطورية الرومانية حتى عهد قسطنطين و أبنائه الذين ساموا أتباع الديانات الأخرى { الوثنيين} فى الإمبراطورية سوء العذاب .

أما الحروب الصليبية فإسمها و ما حدث فيها كفيلان بكشف بشاعة النصرانية حتى أن مقولة "الدماء و صلت الركاب " المشهورة فى مصر يرجع أصلها إلى ما حدث فى القدس حين ذبح الصليبيون سبعين ألفا من الأطفال و النساء و الشيوخ عند المسجد الأقصى فى ليالٍ معدودةٍ بلا رحمة

و مذابح الصرب ضد المساميين فى البوسنة ليست عنا ببعيدةٍ ففى أربعة أعوام ذبح النصارى 200,000 مسلم و مسلمة و إغتصبوا النساء و شقو بطون الحوامل و دفنو الناس أحياء

و قصة سربينيتشا تلك القرية الصغيرة التى أعانتها الأمم المتحدة منطقة أمنة إلا أن الصرب الصليبيين تعاونوا مع إخوانهم الهولنديين و غدرو بالقرية الأمنة و قتلوا عشرة ألاف مسلم فى ليلةٍ واحدة, فإذا تشدق النصارى كعادتهم و قالو أن الحرب كلنت عرقية لا دينية قلنا و ماذا كانت عرقية المسلمين ؟!

فأن العلم كله كان يعلم أن الحرب بين الصرب و الكروات و المسلميين فكان ذنب المسلميين أنهم مسلمون ثم أى تعاليم هذه التى تمنع من القتل بسبب الدين و تسمح به بسبب السلطان و الإحتلال إن كنتم صادقين أو أى دين هذا الذى فشل أتباعه فى فهم تعليمه على مدار أكثر من 1700 عام من لدن قسطنطين مرورا بالسفاح أوربان بابا الفاتيكان الذى قال أن الحروب الصليبية إرادة الرب

و ختاما ببوش الذى يتحدث عن crossedeur war وما كان للنصرانية أن تظهر لولا هذا الفكر الحربى و أمريكا ما تدخلت فى البوسنة من أجل المسلمين فقد تركت الصرب يذبحوا الأبرياء أربعة أعوام و هى قادرة على إيقاف الحرب و لكن تدخلت بعد أن رأت فى يوغوسلافيا الإشتراكية خطرا على نفوذها فى المنطقة أما محاكم التفتيش و إحراق المسلمين و كتبهم

كما أوضحنا أنفا فإن النصرانية ظلت طوال ثلاثة قرون ديانة مغمورة لا يعتنقها إلا عدد قليل جدا من سكان الإمبراطورية الرومانية و لم تكن تجمعهم كلمة واحدة أو مذهب واحد بل كانت مذاهب متباينة فى العقيدة تباين شاسع حتى جاء قسطنطين و أيد النصرانية و حاول أن يوفق بين هذه الملل النصرانية

و لكن ظل الخلاف بين الموحدين أتباع الأسقف أريوس الذين قالوا ببشرية المسيح و أنه ليس مساويا لله تعالى فى الجوهر و بين الأسناثيوسيين أتباع المشرك المجرم إسناثيوس الذى إعتنق الفكر البولسى و قال أن المسيح مساو لله و أن لهما جوهر واحد عليه لعنة الله و من وقتها بدأ الإضطهاد للمسلمين و تم إحراق كتب أريوس وشاع القتل و التنكيل فى عباد الله الموحدين

أما بالنسبة لإنتشار النصرانية فى أرجاءالعالم فقد بدأ السيف الصليبى يسل منذ عهد قسطنطين نفسه فأغدق على الكنيسة و النصارى بالإمتيازات و العطايا على حساب الوثنيين الذين أخذ نفوذهم فى التضاؤل قهرا و بدأ التطرف فى إستعمال العنف و القوة ضد الوثنيين فى عهد الإمبراطور ثيودثيوس الأول الذى إستخدم كل أشكال الإضطهاد ضدهم بعد أن نجح فى توحيد العالم الرومانى تحت حكمه سنة394م ,

و إستمرت الحرب التى شنها ثيودثيوس ضد الوثنيين مدة ثلاثين عاما بعد وفاته هو نفسه و أقفلت المعابد و أعدمت الكتب و منع الوثنيين من مباشرة طقوسهم حتى داخل منازلهم!! بل أن الإمبراطور أركاديوس أصدر مرسوما بتنظيم معابد الوثنية لا إغلاقها فحسب بل قام بإستخدام أحجارها و مواردها فى إقامة منشأت عامة و عندئذ أدركت الوثنية أن مصيرها المحتوم هو الموت أو الإستبدال بصورة وثنية جديدة تسمى النصرانية
فلم تجد الوثنية بدا من الفرار و الإتجاء إلى مناطق العزلة الثانية فى إيطاليا و غالي او ظل الحال هكذا حتى القرن السادس حين أقام النجيس بندكت ديره الشهير سنة 529 م على أنقاض أخر ما تبقى من معابد أبولو فى مونت كاسبنو و من أوزريس إلى أبلو إلى بوذا ألى المسيح نرى هذه السلسة المظلمة من الألهة البشرية تعبد من دون الله العظيم.

يقول الدكتورشوقى أبو خليل :-و بما أن الإمبراطورية الرومانية كانت تسيطر على كل أوروبا فكان فرضها للنصرانية بالسيف على كل أوروبا هو المتبع من قبل الأباطرة الرومان و قد ظل شارلمان يحارب ال***ونيين ثلاثة و ثلاثين سنة كلها عنف و دموية حتى أخضعهم و حولهم قسرا إلى الديانة النصرانية

كما تطلب ثمانى رحلات حسوما متتابعة حتى هزم الأفاريين الذين قيل عن أسلاب كنوزهم المكدسة أنها رفعت شالالمان من أعالى الغنى و الثروة إلى شاهق الفيض و الوفرة و كان فرض النصرانية على ال***ونيين على اليد النجيس ليودجر و ويليهاد.

و قد أكرهت مصر على إعتناق النصرانية و لكنها هبطت بذلك إلى الحضيض الذى لم ينقذها منه سوى الفتح الإسلامى فدخل الناس فى دين الله أفواجا و حتى الذين ظلو على الكفر كان الفتح الإسلامى منقذ لهم من إضطهاد الروم (الكاثوليك)

فكان فتح مصر و تسامح الإسلام سببا فى خروجهم من الكهوف التى كانوا يختبئون فيها
و سوف نوضح بإذن الله تفاصيل دخول الإسلام فى مصر عندما نتحدث لاحقا عن فتوحات الإسلام و تسامح هذا الدين العظيم تسامحا لا يخل بمفاهيم الولاء و البراء و عزة الإسلام و فى نفس الوقت يؤمن الأخرين و يحسن إليهم .

و فى الدنمارك كان للملك كونت دورا خطيرا فى نشر النصرانية فى ممتلكاته بالقوة و الإرهاب و من ثم أخضع الأمم المغلوبة على أمرها للقانون المسيحى بعد أن إشتبك مع الممالك المتبربرة فى حروب طاحنة مدفوعا بما كان يضطرم فى نفسه من الشوق إلى نشر العقيدة و فى روسيا إنتشرت المسيحية على يد جماعة
إسمها (( إخوان السيف ))

أما كيف دخلت النصرانية إلى روسيا فيبدو أولا على يد فلاديمير دوق كييف (985-1015) و هو سليل رورك و يضرب به المثل فى الوحشية و الشهوانية إذ جاء إلى الدوقية فوق جثة أخر إخوته و إقتنى من النسوة ثلاثة ألاف و خمسما ئة على أن ذلك كله لم يمنع من تسجيله قديسا فى عداد قديسى الكنيسة الأرثوذوكسية !!
لأنه الرجل الذى جعل كييف نصرانية و قد أمر فلاديمير بتعميد أهل دوقية روسية كلهم كرها فى مياة نهر الدنيبرو قد سمل باسيليوس الثانى و هو من أكبر ناشرى النصرانية فى روسيا أعين 15 ألف من الأسرى البلغار إلا مئة و خمسين منهم أبقى لكل منهم عينا واحدة ليقودوا إخوانهم فى عودتهم لبلادهم أما فى النرويج فقد قام الملك أولاف ترايفيسون بذبح الذين أبو الدخول فى الكسيحية أو بتقطيع أيديهم و أرجلهم أو نفيهم و تشريدهم و بهذه الوسائل( السمحة ) نشر النصرانية فى ( فيكن ) القسم الجنوبى من النرويج بأسرها.
 
أما فى الأمريكتين فكانت المأساة الكبرى فإبادة عشرات الملايين من الهنود الحمر
و كذلك حضارة الأنتيل و حضارة الماياو حضارة الأزتيك و حضارة الأنكا فى بيرو و قد نشرت الصحف صورة لما رافق إكتشاف جزيرة هايتى على يد الأسبان و كانت المادة العلمية تحتها ما يلى:-

( و إنشغل ضباط أسبان ( خلفاء المستكشف صاحب الحملة ) بإكتشاف جزيرة هاييتى و إحتلالها و كانت ما تزال أرض مجهولة و قد تولى هذه المهمة كل من دينغو فلاسكيز و بانفليو دونارفيز فأبديا من ضروب الوحشية ما لم يسبق له مثيل متفنيين فى تعذيب سكان الجزيرة بقطع أناملهم و فقء عيونهم و صب الزيت المغلى و الرصاص المذاب فى جراحهم أو بإحراقهم أحياء على مرأى و مسمع من الأسرى ليعترفوا بمخابىء الذهب و ليهتدو إلى دين المحبة!!

و قد حاول أحد الرهبان إقناع الزعيم (هايتهاى) بإعتناق الدين و كان مربوطا إلى المحرقة فقال له إنه إذا تعمد يذهب إلى الجنة,فسأله الزعيم الهندى قائلا:- و هل فى الجنة أسبان؟

فأجابه:- نعم ماداموا يعبدون إله الحق!, فما كان من الزعيم الهندى إلا قال:- أنا لا أريد أن أذهب إلى مكان أصادف فيه أبناء هذه الأمة المتوحشة!! و من أمثلة ما فعله النصارى فى أطفال الإنكا و المايا و الأزتيك أن فابل مسيحيون هندية و كانت تحمل بين ذراعيها طفلا تقوم بإرضاعه و بم أن الكلب الذى كان يرافقهم كان جائعا فقد إنتزعوا الطفل من بين ذراعى أمه

و رموه لكلب الذى أخذ ينهشه على مرأى من أمه و عندما كان بين السجناء بضع نساء وضعن حديثا فإنهم ما إن كان الاطفال الذين ولدوا حديثا يأخذون فى الصراخ يمسكونهم من سيقانهم و يصرعونهم فى الصخور

وكذلك ورد أنه عند وصول الجنود إلى القرية بعد الإفطار على العشب راودت الأسبان فكرة جديدة و هى التحقق مما إذا كانت سيوفهم قاطعة بالدرجة التى تبدو بها فجأة يستل الأسبانى سيفه و سرعان ما يحذو المائة الأخرون حذوه و يشرعون فى تمزيق أحشاء و ذبح هذه الشياة من الرجال و النساء و الأطفال و الشيوخ الين كانو جالسين مطمئنين يتفرجون فى عجب على الجياد و الأسبان

و فى ثوان معدودة لا يبقى أحد من هؤلاء الأبرياء على قيد الحياة حتى سال الدم فى كل مكان كما لو أنه قد جرى ذبح قطيع كامل من الأبقار و لا يجد ( لاس كاساس ) أى تفسير لهذه الوحشية لقد كان مشهد الجراح التى تغطى أجساد الموتى مشهد رعب و ذعر على حد قوله و لم تنطق الكنيسة ( صاحبة السلطة الدينية و الزمنية ) ببنس شفه تجاه كل ما كان يحدث من مذابح بمباركتها!!

و قد وصل الحد فى أمريكا فى عهد هجرة الأيرلانديون البرتستانت أن صدر قانون يجيز إبادة الهنود الحمر فى كل مكان يتواجدوا فيه
لأن أمريكا كانت هى أرض الميعاد وفق تفسير البروتستانت للكتاب المقدس وقتها و هذا التحريف ليس بجديد فهم الأن يساعدون اليهود فى ذبح المسلمين فى فلسطين لأن التفسير الحديث للكتاب المقدس يستلزم ذلك حتى (يمهدو الأجواء) لعودة المسيح ( أمير السلام)

و لكن يبدو أن السجادة التى يفرشونها هى سجادة حمراء بلون دماء أطفال فلسطين فقد ظل اليهود في نظر العالم المسيحي بأسره "أمة ملعونة" لمدة ألف وخمسمائة عام، لأنهم -في اعتقاد المسيحيين- هم قتلة السيد المسيح.

وقد عانى اليهود صنوفا من الاضطهاد والازدارء بناء على هذا التصور الذي ترسخ في العقل المسيحي وصمد على مر القرون، مدعوما بنصوص كثيرة من الإنجيل، وظروف اجتماعية وسياسية خاصة لكن القرن الخامس عشر الميلادي أظهر تحولات عميقة في النفس المسيحية -الغربية على الأقل- مع بزوغ ما عرف بحركة الإصلاح، وما استتبعه ذلك من انشقاق سياسي وعقائدي داخل الديانة المسيحية بشكل عام، والكاثولوكية الغربية بشكل خاص كان من نتائج هذه التحولات أن أصبحت المسيحية الجديدة التي عرفت باسم البروتستانتية ربيبة لليهودية:

فقد أصبحت للتوراة -أو العهد القديم- أهمية أكبر في نظر البروتستانت من الإنجيل أو العهد الجديد، وبدأت صورة الأمة اليهودية تتغير تبعا لذلك في أذهان المسيحيين الجدد وقد ظهر هذا التحول في النظرة المسيحية إلى اليهود في كتابات رائد الإصلاح البروتستانتي، القس الفيلسوف (مارتن لوثر). فقد كتب لوثر عام 1523 كتابا عنوانه: "المسيح ولد يهوديا"

قدم فيه رؤية تأصيلية للعلاقات اليهودية المسيحية من منظور مغاير تماما لما اعتاده المسيحيون من قبل، فكان مما قال في كتابه: "إن الروح القدس شاءت أن تنزل كل أسفار الكتاب المقدس عن طريق اليهود وحدهم. إن اليهود هم أبناء الرب، ونحن الضيوف الغرباء، وعلينا أن نرضى بأن نكون كالكلاب التي تأكل من فتات مائدة أسيادها"!!!

و كذلك الحال من إبادة شاملة كاملة مارسها الإنجليز فى حق سكان الأصليين لأستراليا و كذلك فعل الأسبان و البرتغاليون فى حق سكان أمريكا الجنوبية

يقول القس فرانزغريس: ( إن االأمم النصرانية و أكثر من ذلك تاريخ الكنيسة بالذات مضرج بالدماء ة ملطخ و لربما أكثر تضرخا و وحشة من أى شعب وثنى أخر فى الغالم القديم, إن أمما ذوات حضارات زاهية باهرة قد أزيلت و أبيدت و محيت ببساطة و سهولة من الوجود و كل ذلك بإسم النصرانية)

_و حتى فى علاقة النصارى بعضهم ببعض كان السيف هو الوسيلة لنشر المذاهب كما فعل الكاثوليك فى مصر مع الأرثوذكس كما حدث و مازال يحدث من مجازر بين الكاثوليك و البروتستانت فى أوروبا و نذكر هنا مثال صغير جدا و هو ما يعرف ب(ملحمة سان بارتلمى)

و هى مذبحة أملر بها سنة572م شارلا التاسع و كاترينا دوميديسيس حينما قتلت كاترينا خمسة ألاف من زعماء البروتستانت فى باريس و ظنت أنهم يتأمرون بها و بالملك و لم يكد ينتشر الخبر فى باريس حتى شاع أنه شرع فى قتل البروتستانت فانقض أشراف الكاثوليك و الحرس الملكى و النبالة و الجمهور على البروتستانت

و قتلوا عشرة ألاف نسمة فى مختلف المدن بعد باريس و قد باركت الكنيسة الكاثوليكية هذه المجزرة و ما بدذ السرور على أحد كما بدذ على على البابا غريغوار الثالث عشر و قد أكر بضرب أوسمة خاصة تخليدا لذكرى هذه المذبحة!! و رسمت على هذه الأوسمة صورة غريغوار و بجانبه ملك يضرب بالسيف أعناق البروتستانت و قد ذكر (رينو)فى كتابه (مختصر تاريخ الحقوق الفرنسية)

أن فرنسا أصدرت عام 1685م أمرا بتحريم الديانة البروتستانتية و هدم كنائسها و نفى رؤسائها و فى عام 1715م عدت كل زواج لا يعقد على الطريقة الكاثوليكية غير مشروع و فى عام 1724 حرم البروتستانت من تولى الوظائف و أمرت فرنسا بأخذ الأطفال البروتستانت عنوة من أمهاتهم ليربوا تربية كاثوليكية و لا يزال هذا الأسلوب حيا إلى يومنا هذا و قد حرم شاب مصرى تزوج من بولندية من الحصول على أطفاله الأربعة بعد موت أمهم ليعود بهم إلى مصر و تمكن من إختطاف ثلاثة منهم(على حد تعبير الكنيسة )

و لا تزال طفلته فى الكنيسة تهان و تجبر على عبادة المسيح من دون الله و تؤهل لتكون من (خدم) الكنيسة و هذه القضية مشهورة الأن و تناولتها الصحف المصرية !!
 
محاكم التفتيش :
بدأت هذه المحاكم فى القرن الثالث عشر لإرهاب (الهراطقة) الخارجين عن الكنيسة لكن أشنع فصولها بدأ بسقوط غرناطة و وقوع المسلمين فريسة لعدو خائن نقد كل العهود و المواثيق التى وقعت فى عام 1491م بين أبى عبد الله الصغير و فرديناند و التى إشترط المسلمون أن يوافق عليها البابا و يقسم على ذلك و لكن هيهات فهؤلاء لا عهد لهم ولا ذمة و مما جاء فى المعاهدة:-((.....تأمين الصغير و الكبير فى النفس و الأهل و المال إبقاء الناس فى أماكنهم و دورهم و رباعهم و ‘قامة شريعتهم على ما كانت و لا يحكم على أحد منهم إلا بشربعتهم و أن تبقى المساجد كما كانت و الأوقاف كما كذلك و ألا يدخل نصرانى دار المسلم و لا يغصبوا أحدا ....و ألا يؤخذ أحد بذنب غيره و ألا يكزه من أسلم على الرجوع للنصارى و دينهم و لا ينظر نصرانى على دور المسلمين و لا يدخل مسجدا من مساجدهم و يسير فى بلاد النصارى أمنا فى نفسه و ماله ... و لا يمنع مؤذن و لا مصلى و لا صائم ولا غيره فى أمور دينه ))و مع قسم فرديناند و إيزابيلا على كل هذا إلا أن الأيمان و العهود لم تكن عند ملكى النصارى سوى ستار للغدر و الخيانة و قد نقضت كل هذه الشروط و لم يتردد المؤرخ الغربى(بروسكوت) أن يصفها بأنها أفضل مادة لتقدير الغدر الأسبانى , فنقد الأسبان هذه المعاهدة بندا بندا فمنعو المسلمين من النطق بالعربية فى الأندلس و فرضوا إجلاء المسلمسن الموجودين فيها و حرق ما بقى منهم و زاد الكردينال (أكزيمينيس)
على ذلك فأمر بجمع كل ما يستطيع من كتب المسلمين و فيها من العلوم ما لا يقدر بثمن بل هى خلاصة ما تبقى من الفكر الإنسانى و أحرقها , يقول غوستاف لوبون متحسرا على فعلة ذلك الجاهل أكزيمينيس :-(( ظن رئيس الأساقفة أكزيمينيس أنه بحرقه مؤخرا ما قدر على جمعه من كتب أعدائه العرب (أى ثمانين ألف كتاب) محا ذكراهم من الأندلس إلى الأبد فما درى أن ما تركه العرب من الأثار التى تملأ بلاد اسبانية يكفى لتخليد إسمهم إلى الأبد ))

و قد هدفت محاكم التفتيش إلى تنصير المسلمين بإشراف السلطات الكنسية و بأبشع الوسائل و لم تكن العهود التى قطعت للمسلمين لتحول دون النزعة الصليبية التى أسبغت على سياسة أسبانيا الغادرة ثوب الورع و الدين !!

و لقد قاوم المسلمون التنصير و أبوه و بدأ القتل و التنكيل فيهم فثارو فى غرناطة و ريفها فمزقهم الأسبان بلا رحمة و فى عام 1501م أصدر الملكان الصليبيان مرسوما خلاصته:- (( إنه لما كان الرب قد إختارهما لتطير غرناطة من الكفرة(يعنيان عباد الله المسلمين) فإنه يحظر وجود المسلمين فيها و يعاقب المخالفون بالموت أو مصادرة الأموال ))

فهاجرت جموع المسلمين ‘إلى المغرب لتنجوا بدينها و من بقى من المسلمين أخفى إسلامه و أظهر تنصره فبدأت محاكم التفتيش نشاطها الوحشى المروع فحين التبليغ عن مسلم يخفى إسلامه يزج به فى السجون و كانت السجون وحشية رهيبة مظلمة عميقة تغص بالحشرات و الجرذان و يصفد فيها المتهمون بالأغلال بعدج مصادرة أموالهم لتدفع نفقات سجنهم!!

- و من أنواع التعذيب للمسلمين :-

إملاء البطن بالماء حتى الإختناق و ربط يدى المتهم وراء ظهره و ربطه بحبل حول راحتيه و بطنه و رفعه و خفضه معلقا سواء بمفرده أو مع أثقال تربط به و الأسياخ المحمية و تمزيق الأرجل و فسخ الفك و كانت أغلب الأحكام بالإحراق و هو الحكم الذى كان غالبا عند الأحبار الذين يشهدون تنفيذه مع الملكين الكاثوليكيين فى (حفلات الإحراق)

- و يوم إحتلال نلبليون لأسبانيا بعد قيام الثروة الفرنسية على أنقاض الكنيسة قام بإلغاء محاكم التفتيش و لكن رهبان (الجزويت) أصحاب هذه المحاكم إستمروا فى القتل و التعذيب فشمل ذلك الجنود الفرنسيين المختطفيين فأرسل المريشال(سولت) الحاكم العسكرى المدنى امدريد الكولونيل (ليمونكى) مع ألف جندى و أربعمائة مدفع
و هاجم دير الديوان و بعد تفتيش الدير لم يعثرو على شىء فقرر الكولونيل فحص الأرض و حينئذ نظر الرهبان إلى بعضهم البعض نظرات قلقة و أمر الكولونيل جنده برفع الأيسطة فرفعوها ثم أمر بأن يصبوا الماء فى كل غرفة على حدة فإذا بالماء يتسرب إلى أسفل من إحدى الغرف فعرف أن هناك باب من هنا يفتح بطريقة ماكرة بواسطة حلقة صغيرة وضعت بجوار رجل مكتب الرئيس

( تماما كما نشاهد فى أفلام الرعب و ما كان لهم أن يأتوا بهذه الأفكار إلا من التراث النصرانى المظلم) و فتح الباب و اصفرت وجوه الرهبان و ظهر سلم يؤدى إلى باطن الأرض و يذكر ذلك الكولونيل فى مذكراته:-(( فإذا نحن فى غرفة كبيرة مربعة و هى عندهم قاعة المحكمة و فى وسطها عمود من رخام به حلقة حديدية ضخمة ربطت بسلاسل كانت الفرائس تربط بها رهن المحاكمة و أمام ذلك العمود عرش (الدينونة)و هو عبارة عن دكة يجاس عليها رئيس محكمة التفتيش و إلى جواره مقاعد أخرى أقل إرتفاعا لبقية القضاة ثم توجهنا لإلى ألات التعذيب و تمزيق الأجساد البشرية و قد إمتدت تلك الغرف مسافات كبيرة تحت الأرض و قد رأيت بها ما يستفز نفسى و يدعونى إلى التقزز ما حييت ,
رأينا غرفا صغيرة فى حجم الإنسان بعضها عمودى و بعضها رأسى فيبقى سجين العمودية واقفا فيها على رجليه مدة سجنه حتى يقضى عليه و يبقى سجين الأفقية ممددا بها حتى الموت و تبقى الجثة بالسجن الضيق حتى تبلى و يتساقط اللحم عن العظم و لتصريف الروائح الكريهة المنبثقة من الأجداث البالية تفتح كوة صغيرة إلى الخارج و قد عثرنا على عدة هياكل بشرية لا زالت فى أغلالها سجينة و السجناء كانوا رجال و نساء و أطفال و شيوخ ما بين الرابعة عشر إلى السبعين و كان السجناء عراة زيادة فى النكاية بهمو إنتقلنا إلى الغرف الأخرى فرأينا ما تقشعر لهوله الأبدان عثرنا على ألات لتكسير العظام و سحق الجسم و عثرنا على صندوق فى حجم الرأس تماما يوضع فيه رأس المعذب بعد أن يربط بالسلاسل فى يديه و قدميه فلا يقوى على الحركة فبقطر الماء البارد على رأسه من أعلى الصندوق نقطة نقطة و قد جن الكثيرون من هذا اللون من العذاب و عثرنا على ألة تسمى السيدة الجميلة و هى عبارة عن تابوت تنام فيه صورة فتاة جميلة مصنوعة على هيئة الإستعداد لعناق من ينام معها و قد برزت من جوانبها عدة سكاكين حادة و كانوا يطرحون الشاب المعذب فوق هذه الصورة ثم يطبقون عليه باب التابوت بسكاكينه و خناجره فإذا أغلق الباب مزق الشاب إربا كما عثرنا على ألة لسل اللسان و لتمزيق أثداء النساء و سحبها من الصدور بواسطة كلاليب فظيعة و مجالد من الحديد الشائك لضرب المعذبين العراة حتى يتناثر اللحم من العظم .

أما باقى فظائع النصارى بحق المسلمين فلا يمكن إحصاؤها منذ الحروب الصليبية وصولا إلى الإحتلال و قتل الملايين و إستعبادهم حتى أن الجزائر صارت بلد المليون شهيد و قد كان الجندى الإيطالى الذاهب لإحتلال ليبيا ينشد قائلا:-
(( يا أماه صلاتك و لا تبكى بل إضحكى و تأملى ألا تعلمين أن إيطاليا تدعونى و أنا ذاهب إلى طرابلس فرحا مسرورا لأبذل دمى فى سبيل سحق الأمة الملعونة و لأحارب الأمة الإسلامية سأقاتل لمحو القرأن و إن لم أرجع فلا تبكى على ولدك و إن سألك أحد عن عدم حزنك على فأجيبيه إنه مات فى محاربة الإسلام))أما فظائع البرتغاليون فى حق المسلمين

و التى إستمرت قرنين من الزمان بعد سقوط الأندلس فحدث عنها و لا حرج حتى أن طريق رأس الرجاء الصالح سمى هكذا لأن البرتغليين كانوا يريدون تطويق العالم الإسلامى و إكتشفوا ذلك الطريق أثناء هذه المحاولة الخبيثة و قد قام النصارى بغزو أفريقيا و أسيا و إستعباد الأفرقة المسلمين و جرهم بالسلاسل و الزج بهم فى قاع السفن الحربية تمهيدا لمسخ هويتهم و إستعبادهم فى بلاد ما وراء البحار و هذا التاريخ معروف للجميع
 
خيانة النصارى
الزمان / 14 جمادى الأولى – 658هـ

المكان / دمشق - الشام

الموضوع / جيوش التتار بقيادة هولاكو تحتل دمشق ثم تخرج منها سريعاً .

الأحداث

تبدأ الأحداث من عند الفاجعة العظمى التي ابتليت بها أمة الإسلام عندما اجتاح التتر المتوحشون بلاد الإسلام وأسقطوا حاضرة الخلافة العباسية بغداد وقتل الخليفة وأولاده ومعهم قرابة المليونين مسلم وذلك سنة 656هـ فلما كانت سنة 658هـ كان العالم الإسلامي يتحكم فيه أربعة ملوك باستثناء الشمال الإفريقي .

1- شمال آسيا ويشمل بلاد ما وراء النهر ومعهم العراق ويحكمه هولاكو التتري .

2- البلاد الشامية ويحكمها الناصر بن العزيز بن العادل الأيوبي .

3- بلاد الكرك ويحكمها المغيث بن العادل .

4- بلاد مصر ويحكمها السلطان قطز المملوكي .

والعجب كل العجب لملوك يتحاربون من أجل الملك ويذهلون عن أعدائهم فلما اتفق الناصر مع المغيث على قتال قطز لأخذ الديار المصرية منه عنوة وإعادة حكم الأيوبيين عليها وفي هذه الأثناء عبر هولاكو بجيوشه الجرارة نهر الفرات ثم اتجه إلى حلب فحاصرها سبعة أيام ثم استسلم أهلها فغدر بهم وأعمل فيهم القتل والسبي فانخلع قلب ملك حماة فأرسل إليه مفاتيح البلد ثم اتجه هولاكو بعدها مباشرة وجعل قائد جيوشه كتبغانوين ولم يجد كتنغا أي مقاومة تذكر في المدينة فدخلوها سريعاً بل تلقاهم كبار المدينة بالرحب والسعة وكتب هولاكو أماناً لأهل البلد ولكن قلعة المدينة لم تستسلم فأحكم عليها التتار الحصار ونصبوا عليها المجانيق وفيهم منجنيق عملاق وظلوا يضربون القلعة ليل نهار حتى تداعت أحجارها وسقطت في 14جمادى الأول فقتلوا متولي القلعة بدر الدين بن قراجا ونقيبها جمال الدين بن الصيرفي ثم سلموا البلد لأمير منهم يقال له إبل سيان ومن هنا تبدأ فصول معاناة جديدة .

كان هذا الرجل لعنه الله معظماً لدين النصارى فاجتمع به أساقفة النصارى في دمشق فعظمهم جداً وزار كنائسهم فصارت لهم دولة وصولة بسبب ذلك حيث ذهب طائفة من النصارى إلى هولاكو وأخذوا معهم هدايا وتحفاً فأعطاهم أماناً وفرماناً من جهته فدخلوا من باب ثوما ومعهم صليب منصوب يحملونه على رؤوس الناس وهم ينادون بشعارهم ويقولون 'ظهر الدين الصحيح دين المسيح' ويذمون دين الإسلام وأهله ومعهم أواني فيها خمر لا يمرون على باب مسجد إلا رشوا عنده خمراً ويرشون على وجوه الناس وثيابهم ويأمرون كل من يجتازون به الأزقة والأسواق أن يقوم لصليبهم ودخلوا من درب الحجر الصغير والكبير ووقفوا عند رباط الشيخ أبي البيان ورشوا عنده خمراً فتكاثر عليهم المسلمون حتى ردوهم إلى سوق كنيسة مريم فوقف خطيبهم إلى دكة دكان في عطفة السوق فمدح دين النصارى وذم دين الإسلام ثم حاولوا دخول الجامع الكبير بخمر وكان في نيتهم إن طالت مدة التتار أن يخربوا المساجد .

عندها اجتمع قضاة المسلمين والشهود والفقهاء فدخلوا القلعة يشكون هذا الحال إلى الأمير 'إبل سيان' وظهرت حقيقة الحقد الصليبي عند نصارى الشام وظهر ما كان دفيناً منذ الحروب الصليبية وفي نفس الوقت كان سلطان الشام الناصر بن العزير معه جيوش كثيرة لمحاربة التتار ولكنهم غير مؤتلفين فتقرقوا شذر مذر ولا يدرون ما يخبأه القدر لهم بعدها .

لم يكد يمر على المسلمين في دمشق وسائر بلاد الشام سوى أربعة شهور من المعاناة من التتار الهمج والصليبيين الحاقدين حتى جاءت البشارات بانتصار المسلمين على التتار في عين جالوت وأن جيوش الإسلام تتبع التتار حتى دمشق فعندما طارت الأخبار بذلك فرح المسلمون بذلك فرحاً شديداً وانطلقوا يردون الصاع اثنين للنصارى الحاقدين فاتجه المسلمون إلى كنيسة النصارى التي خرج منها الصليب فأحرقوها وأحرقوا دور النصارى حولها وقتل العوام وسط الجامع شيخاً رافضياً كان مصانعاً للتتار على أموال الناس يقال له الفخر الكنجي كان خبيث الطوية ممالئاً لهم على أموال المسلمين وقتلوا جماعة مثله من المنافقين وقطع دابر الذين ظلموا وأذل الله عز وجل النصارى الحاقدين وانطلق المسلمون يقتلون التتار ويفكون الأسارى من أيديهم وكان دخولهم وخروجهم إلى دمشق كسحابة صيف سرعان ما انقشعت ولكنها كشفت حقيقة نصارى الشام ومدى حقدهم .

تاريخ إبادة المسلمين, النصارى الموحدين و اليهود بإسبانيا.
 
بعثة المسيح عليه السلام و صعوبات البداية.

شرع المسيح عليه السلام في الدعوة و سنه 30 سنة, دعوة لم تدم سوى 3 سنوات. ترك بعده 12 حواريا, 60 تلميذا و العديد من الأتباع بالمجال الريفي ليهودا (إسرائيل و فلسطين اليوم).

شكل هؤلاء القرويون –و يسمون أم هآرزAm Ha Arez- غالبية السكان, اجتذبتهم حكمة و معجزات المسيح فتجمعوا حوله و اتبعوه. لقد أدركوا النور الذي هلّ لينير تعاليم موسى عليه السلام, فما بُعِث المسيح إلا ليوضّحها و يحييها.

” اقتصرت مهمة المسيح على إثبات عبادة الخالق وفق الطريقة التي أُمِر بها. لقد تهيئ المسيح و أتباعه لمكافحة كل من يحاول منعهم من العيش وفق الطريقة التي أراد ربهم”(1)

الآسينيون

استغل العديد من كهان المعبد موقعهم كوسيلة للحصول على الثروة و السمعة, لكن عدم شعبيتهم بين الناس أقلقتهم لتهديدها امتيازاتهم. أما الرومان, حُكّام يهودا, فقد اعتبروا بزوغ نجم هذا ”الزعيم الجديد” خطرا عليهم, فقد يدفع لثورة أخرى لليهود , و يكفيهم ما سببه لهم الآسينيون -سكان الكهوف بضواحي البحر الميت- من مشاكل. هذه الطائفة من اليهود رفضت قبول العادات و القوانين الرومانية لمّا تعارضت مع تعاليم موسى عليه السلام؛ لقد عقدوا العزم على الحفاظ على صفاء طريقة عيشهم و تحرير يهودا من الاعتداء الأجنبي. إلى جانب صلواتهم اليومية و دراساتهم للكتابات ”المقدسة”, زاول العديد منهم فنون الحرب. و أُطلق على أعضاء هذه ”القوات المقاتلة”Zelotes (المدافعون). من المحتمل أن المسيح عليه السلام قضى فترة مهمة من طفولته بين الآسينيين, ليس فقط في البحر الميت, لكن أيضا بمعقلهم الآخر بالقرب من الإسكندرية. لقد اتبعه فيما بعد العديد من أبناء هذه الطائفة.

رفع المسيح و صلب شبيهه

هكذا إذن التقت مصلحة الحكام الرومان و الطغمة الفاسدة من كُهّان المعبد في معاداة المسيح عليه السلام و أتباعه. و في هذه الظروف وقعت المؤامرة ضده فصُلِب رجل آخر مكانه, ربّما هو يهوذا الأسخريوطي:

" و لما دنت الجنود مع يهوذا من المحل الذي كان فيه يسوع , سمع يسوع دنو جم غفير , فلذلك انسحب إلى البيت خائفا , و كان الأحد عشر نياما , فلما رأى الله الخطر على عبده أمر جبريل و ميخائيل و رفائيل و أوريل سفراءه أن يأخذوا يسوع من العالم , فجاء الملائكة الأطهار و أخذوا يسوع من النافذة المشرفة على الجنوب , فحملوه و وضعوه في السماء الثالثة في صحبة الملائكة التي تسبح الله إلى الأبد , و دخل يهوذا بعنف إلى الغرفة التي أصعد منها يسوع , و كان التلاميذ كلهم نياما , فأتى الله العجيب بأمر عجيب , فتغير يهوذا في النطق و في الوجه فصار شبيها بيسوع , حتى أننا اعتقدنا أنه يسوع , أما هو فبعد أن أيقظنا أخذ يفتش لينظر أين كان المعلم , لذلك تعجبنا و أجبنا : أنت سيدنا هو معلمنا أنسيتنا الآن ؟ , أما هو فقال مبتسما : هل انتم أغبياء حتى لا تعرفون يهوذا الإسخريوطي , و بينما كان يقول هذا دخلت الجنود و ألقوا أيديهم على يهوذا لأنه كان شبيها بيسوع من كل وجه " إنجيل برنابا ص 308 "

" و أُسْلِمَ يهوذا للكتبة و الفريسيين كأنه مجرم يستحق الموت , و حكموا عليه بالصلب و على لصين معه , فقادوه إلى جبل الجمجمة حيث اعتادوا شنق المجرمين , و هناك صلبوه عريانا مبالغة في تحقيره " إنجيل برنابا ص 314 "

”حتى يذوق العذاب لوشايته برجل آخر” (2)

شكّل الاعتقاد الخاطئ بأن المصلوب هو المسيح – و هي الفكرة التي دافع عنها بحماس شديد شاؤول الطرسوسي- أول أسباب الانشقاق داخل الكنيسة في أولى أيامها:

”أولئك التلاميذ الذين لا يخشون الرب سرقوا في الليل جسد يهوذا و أخفوه, ثم أشاعوا أن يسوع انبعث, فنجم عن ذلك بلبلة عظيمة. كبير الكهان منع الكلام حول يسوع الناصري مهددا بعقوبة اللعنة. هكذا انطلقت حملة عظيمة من الاضطهاد؛ البعض رُجموا, الآخرون جُلدوا و غادر الكثيرون البلاد لعدم استطاعتهم العيش في سلام في هذه الوضعية” (3).

شاؤول اليهودي أو بولس ,, العنصري الذي يقدسه النصارى اليوم

لم يكن اضطهاد أتباع المسيح عليه السلام احتكارا رومانيا فقد ساعدهم في ذلك اليهود الذين رفضوا الإيمان به, و شكل هذا سببا آخر للانقسام الذي عرفته الكنيسة في أيامها الأولى. أحد كبار المُضطهِدين, هو ”حبر الأحبار” شاؤول الطرسوسي, الذي سيشتهر فيما بعد باسم بولس. لقد لعب بولس دورا حاسما و فعالا في الاضطهاد, كما شهد على نفسه بذلك:

”سمعتم بسيرتي الماضية في ديانة اليهود و كيف كنت أضطهد كنيسة الله بلا رحمة و أحاول تدميرها, و أفوق أكثر أبناء جيلي من بني قومي في ديانة اليهود و في الغيرة الشديدة على تقاليد آبائي.” (رسالة بولس إلى غلاطية 1-13/14)

اضطهاد النصارى و الرومان زاد البعض صلابة, لكنه أوهن عزيمة البعض الآخر. فالأتباع الأكثر ضعفا تبنوا عقائدهم و أفعالهم ليتجنبوا بطشهم, فأدى ذلك إلى ظهور تناقضات و خصومات في صفوف أتباع المسيح عليه السلام.
شاؤول اليهودي يدعي اعتناق النصرانية و يتسمى ببولس

هنا تدخّل بولس, مرّة أخرى, و لعب دورا مهما في التوصل إلى تسوية لطخت صفاء نمط الحياة الذي دعا إليه المسيح. لقد أعلن بولس بشكل مفاجئ أنه رأى المسيح في رؤية فقرر أن يُصبح من أتباعه. رغم ذلك, انتظر 3 سنوات في جزيرة العرب و في دمشق قبل العودة إلى أورشليم (القدس) و يخبر الحواريين – الذين كانوا يُعرفون في تلك الفترة ب”الناصريين”- بمعجزته. كان الحواريون أقرب الناس إلى المسيح قبل أن يُرفع فلم يقتنعوا بصحة تحوّل بولس. شكوكهم ازدادت عندما شرع بولس –الذي لم يسبق له أن التقى بالمسيح أو جالسه- بممارسة عقيدة مخالفة بل و مناقضة لما سمعوه بآذانهم من المسيح نفسه. لكن بولس شرح هذا التناقض فيما بعد قائلا:

”فاعلموا, أيها الإخوة, أن البشارة التي بشّرتكم بها غير صادرة عن البشر. فأنا ما تلقيتها و لا أخدنها عن إنسان, بل عن وحي من يسوع المسيح”. (رسالة بولس إلى غلاطية 1-11/12)

الحواري يعقوب –سانتياغو- و موقف الحواريين من بولس

لم يستطع الناصريون تصديق أن المسيح لما كان على الأرض علّم حواريه ألاثني عشر ليدافعوا عن تعاليمه, ثم سحب هذا الاعتماد و بدّل تعاليمه الأصلية دون أن يُخبرهم, بل ما زاد الطين بلة و الطنبور غنة هو تكليفه لرجل لا يعرفونه. لم يٌقِم القديس يعقوب Santiago زعيم الناصريين بالقدس وزنا لأدلة بولس. ليس معروفا رابطة القرابة بين القديس يعقوب و المسيح عليه السلام, المعلوم أنه كان مقرّبا جدا منه, و حسب العهد الجديد, كان أحد أكثر الحواريين نشاطا و ممن يتكلمون دون مواربة أو خوف. لهذا سماه المسيح هو و يوحنا ”أبناء الرعد” Boanerges.

حسب أوزيبيوEusebio , ظل يعقوب يتضرّع لأجل قومه فترة طويلة حتى تورّمت ركبتاه و صارتا كركبتي الجمل. عٌرف لإخلاصه و استقامته باسم القديس يعقوب البار, و هو أوّل أسقف للقدس, و إن كان هذا اللقب لم يٌستعمل بعد في تلك الفترة. كان إحدى الشخصيات الأكثر احتراما في القدس, و طُلِب منه في مرات عديدة إيقاف لسان بولس عند حده و إخراس عقيدته الجديدة حول المسيح. كان باختصار الواجهة الرئيسية للحواريين في صراعهم مع بولس. (4)

توسط برنابي لدى الحواريين لقبول بولس

من الممكن أن الناصريين كانوا لايزالون يتذكرون الاضطهاد الذي عانوا منه على يد بولس فنبذوه. لكن بفضل تأثير برنانبي تمّ قبوله أخيرا داخل الطائفة. ربّما اعتقد برنابي أن بولس سينتهي به المطاف بقبوله مذهبهم في العيش إذا رافق أولئك الذين تلقوا مباشرة من المسيح. لكن بولس الذي عَرف أن قبوله داخل المجموعة كان بسبب دعم برنابي و ليس عن جدارة و استحقاق, غادر الجماعة و عاد إلى بلدته طرسوس متذمرا.

خروج الحواريين من القدس.

رحل العديد من الأتباع المقربين للمسيح إلى أنطاكية فارّين من الاضطهاد اليهودي و الروماني. و قد انضمّ إليهم برنابي و أصبح زعيم هذه الطائفة المتنامية من الناصريين خارج القدس, فعضوا بالنواجذ على نمط عيش المسيح و بدؤوا يقبلون بينهم أناسا لم يكونوا يهودا. في هذه الفترة شرع استعمال كلمة ”نصراني”’’cristiano’’, و كانت تستعمل كمسبة و احتقار أكثر منها وصفا.

بعد فترة قرر برنابي إيصال رسالة المسيح إلى مناطق أبعد. و بما أنه كان في طرسوس فقد اصطحب معه بولس إلى أنطاكية. مرّة أخرى وجد بولس نفسه وجها لوجه مع أولئك الذين اضطهدهم بالأمس. استقبلوه في أنطاكية بنفس البرودة التي لقوه بها في القدس. ودار بينهم جدال مرير ليس فقط حول تعاليم المسيح, بل حتى حول الأشخاص الذين ستُنشر بينهم الدعوة. لكن مرّة أخرى, بفضل برنابي تمّ قبول بولس في المجموعة. في النهاية, سار برنابي و بولس صحبة مرقس ابن أخت برنابي إلى اليونان في أول رحلة تبشيرية لهم.

بولس يحرف دين المسيح استجابة لنزوات اليونان و خلافه مع برنابي.

كان قبول دعوة المسيح مسألة سهلة ليهودي منفتح القلب, فتعاليم المسيح ليست سوى دليل ينير نمط عيش اعتاد عليه. أمّا غير العبراني, الذي رأى التقليد اليهودي تقليدا غريبا و حقيرا, فقد استصعب تعاليم المسيح. فاليونانيون, عُبّاد الحشود الهائلة من الآلهة, لم يعيروا اهتماما لرفع عدد آلهتهم, لكنهم غالبا ما تصدوا بحزم لعقيدة توحيد الله و نفي العبادة لغيره. هنا ظهر بولس كالرجل المناسب لتهيئ تعاليم المسيح لتُصبح موافقة لأهواء هؤلاء. لم يتقبل برنابي ذلك. فأدى توتر العلاقات بينهما إلى انفصالهما عن بعضهما. فاصطحب برنابي مرقس و سارا معا إلى قبرص.

بولس ينشر النصرانية المحرفة غربا

أمّا بولس فقد اتخذ سبيله في اتجاه الغرب رفقة بطرس. و في غياب استقامة برنابي و نصائح أتباع المسيح لردعه, لم يجد بولس معارضة للعقائد الجديدة و للسلوكيات و التعاملات التي تبناها. بل و ازداد مروق بولس عن تعاليم المسيح, واضعا انحرافه هذا على لسان المسيح الذي –كما زعم- كان يتجلى له في الرؤى. لقد اعتمدت تعاليمه كلها على الجانب الغيبي الخيالي, و ليس على شهادات تاريخية خلفها المسيح. حجته ضد أولئك الذين اتهموه بتحريف رسالة المسيح اعتمدت على ادعائه أن دعوته مستمدّة من وحي مباشر من المسيح, و أن سلطته إذن سلطة ربانية. هكذا إذن, و حسب هذه ”السلطة” التي ادّعاها, بَرَكَات رسالة المسيح لا تقتصر على اليهود بل هي مهداة لكل من آمن بها. بعد ذلك, ادّعى أن تعاليم الشريعة الموسوية (نسبة لموسى عليه السلام) ليس فقط غير ضرورية, و إنما معارضة لما أوحى به الرب. لقد كانت تلك التعاليم ”لعنة” بل و المسيح نفسه ”لعنة” و العياذ بالله:

”و المسيح حرّرنا من لعنة الشريعة بأن صار لعنة من أجلنا, فالكتاب يقول: (ملعون كل من مات مُعلّقا على خشبة)…”(رسالة بولس إلى غلاطية 3-13).

هكذا أثار بولس غضب أتباع المسيح و اليهود على حد سواء فقد وجدوا أنفسهم أمام رجل يلعن دينهم ودين آبائهم الأولين. لكن المسألة كانت بسيطة, فبولس كان يُدافع عن أفكاره في وسط يبغض اليهود و لم يسبق له أن سمِع تعاليم المسيح من قبل. و قد برر أفعاله مؤكدا أن الغاية تبرر الوسيلة. كما لم تكن له فكرة واضحة عن تصوراته:

”و إن كان لا بد لي من الافتخار – مع أنه لا نفع منه – فأنتقل إلى الكلام على رُؤى الرب و ما كشفه لي. أعرف رجلا مؤمنا بالمسيح خُطِف قبل 14 سنة إلى السماء الثالثة. أبجسده؟ لا أعلم. أم بغير جسده؟ لا أعلم. الله يعلم. و إنما اعلم أن هذا الرجل خُطِف إلى الفردوس: أبجسده أم بغير جسده؟ لا أعلم. الله يعلم. أعلم أنه خُطف إلى الفردوس و هٌناك سمِع كلاما لا يقدر بشر أن ينطق به و لا يجوز له أن يذكره…” (رسالة كورنثوس الثانية 12-1/5)

هكذا نرى أن بولس لا يعلم إن كان الرجل الذي لقيه في ”جسده” أو ”خارج جسده”. رجل ينطق ”بكلام لا يقدر بشر أن ينطق به”. لقد طلب بولس من أتباعه أن يقلدوه بطريقة عمياء و كان يغضب من أولئك الذين يتّبعون الحواريين أتباع المسيح. لقد اتهمهم بتحريف إنجيله:

”عجيب أمرك ! أبمثل هذه السرعة تتركون الذي دعاكم بنعمة المسيح و تتبعون بشارة أخرى؟ و ما هناك ”بشارة أخرى” بل جماعة تُثير البلبلة بينكم و تُحاول تغيير بشارة المسيح. فلو بشرناكم نحن أو بشّركم ملاك من السماء ببشارة غير التي بشرناكم بها, فليكن ملعونا. قُلنا لكم قبلا و أقول الآن: إذا بشّركم أحد ببشارة غير التي قبلتموها منّا, فاللعنة عليه.”(رسالة بولس إلى غلاطية 1-6/9).

هذه الآيات تدل بما لا يدع مجالا للشك وجود ”إنجيل آخر” أو ”بشارة أخرى”. ليس هناك ما يدل على أن الإنجيل –الوحي الذي نزل على عيسى من الله عز وجل – قد جُمِع و كٌتِب تماما على الشكل الذي أوحي إليه. من المحتمل أن بولس كان يقصد تلك الروايات و الشهادات التي وصفت حياة المسيح, كإنجيل برنابي الذي أُتلف ثلاثة قرون بعد ذلك, على إثر مجمع نيقية. قد يكون بولس صادقا و متحمسا في أفعاله, لكن حميته الضالة كانت وبالا على النصرانية و أكثر تدميرا على الناصريين من اضطهاده لهم أيام كان ”حبر الأحبار اليهود”. لقد كان لتعاليم بولس بعد وفاته أثر لم يكن يتوقعه هو نفسه. فكتابه الذي سمّاه ”إنجيل المسيح” أدى إلى تحريف كبير لتعاليم عيسى عليه السلام و هيّأ بذلك الطريق لتغيير فكرة الناس عن ”من هو المسيح”. لقد تحوّل في أذهان الناس من رجل إلى ”مفهوم”. فصورة المسيح عند بولس ليست صورة رجل عادي, يحي ثم يموت, بل هي صورة اختلطت فيها صفات الله عز وجل بالمسيح, خاصة - كما رأينا أعلاه – و أنه كان بإمكانه نسخ ما جاء به المسيح. هكذا تحولت هذه الصورة الخيالية للمسيح إلى محط عبادة و أصبح من الصعب التمييز بين الرب و يسوع. هذا الاعتقاد الفاسد وضع مريم الصديقة في وضعية مستحيلة: فمريم عليها السلام هي أم الرب.

اعتناق فلاسفة اليونان للنصرانية المحرفة لموافقتها أهواءهم.
هذا التحول الخطير من يسوع النبي إلى يسوع ذي الخصوصيات الإلهية, جعل فلاسفة اليونان و روما يفكرون في إمكانية الجمع بين فلسفتهم الخاصة و دعوة بولس و أتباعه. كانوا يعتقدون أن الوجود هو ثلاثي التكوين, و قد جمعوا إلى حد الآن ”الرب الأب”و ”ابن الرب” و لم يعد يعوزهم غير ”الروح القدس” للحصول على تثليث يوافق ما هم عليه. لم يكن القديس أوغستين راضيا بالمرّة و أنكر على الفلاسفة الحرية الزائدة:

”الفلاسفة ينطقون كلماتهم بكل حرية…رغم ذلك نحن لا نقول إن كان هناك اثنان أو ثلاث مبادئ, اثنان أو ثلاثة آلهة”(De Civitate Dei 0/23) (5)

تأثير الفكر الأفلاطوني على النصرانية

اعتمدت فلسفة أفلاطون على تركيب ثلاثي الأبعاد: العلة الأولى, العقل أو اللوغوس logosو النفس أو روح الكون. كتب العلامة البريطاني جيبون (1737-1794)عن أفلاطونأنخيال هذا الأخير الشعري جسّد و أنعش هذه التجريديات المتافيزقية, فكل مبدأ من المبادئ الأصلية الثلاثة اتحد مع الأخرى بصورة غامضة لا يمكن وصفها. لقد وُضع اللوغوس –العقل- تحت المفهوم الواسع لابن الأب الأبدي, الخالق و مدبر الكون. (6)

مع مرور الوقت, اختلطت الأفكار الغامضة و الاعتباطية عن المسيح مع لوغوسات- )جمعlogos) – أفلاطون فاستحالا إلى صورة واحدة. هكذا وُلدت عقيدة التثليث التي ستُعتبر فيما بعد ”النصرانية الأرثودوكسية المُحافظة”.
اضطهاد الناصريين في القدس

كان الرومان و الأمميون لا يميزون بين الناصريين و اليهود. و تزامن ذلك مع حملة اضطهاد عام ضد اليهود تُوِّجت بتدمير معبد سليمان سنة 70 ميلادية. لقد قُتِل أغلب السكان اليهود ببيت المقدس و شاطرهم العديد من الناصريين نفس المصير. أما الذين نجوا فقد استقروا في بلدة بيلا (طبقة فحل) شمال غرب الأردن.

لما تقلد أدريانو منصب الإمبراطور, أنشأ مدينة جديدة على جبل صهيون سمّيت إلياء كابيتولينا. و قد حُددت عقوبات صارمة للغاية و توعد بالعذاب الأليم أي يهودي يتجرأ على الاقتراب منها. يقول جيبون:

"لم يجد الناصريون إلا سبيلا واحدا للتحرر من هذا المنع. فاختاروا مرقس ليكون مطرانهم, و هو أسقف من العنصر الأممي, أغلب الظن أنه ينحدر من إيطاليا أو من إحدى الأقاليم اللاتينية. بإشارة منه تخلى الجزء الأكبر من الجماعة عن شريعة موسى التي احتفظوا بتعاليمها لأكثر من قرن. بواسطة هذه التضحية بالأعراف و الامتيازات استطاعوا الحصول على الإذن بالدخول إلى مستوطنة أدريانو و وطدوا بصورة قوية اتحادهم مع الكنيسة الكاثوليكية". (18).

أما الناصريون الذين رفضوا هذا التوافق فقد اتًّهموا بالضلال و الشقاق. فبقي بعضهم في بيلا (طبقة فحل) و انتقل آخرون إلى القرى المحيطة بدمشق, أما الأكثرية فقد استقرت في حلب السورية:

” و اعتبر اسم "الناصري" أسمى و أشرف من أن يطلق على هذه الشرذمة من اليهود المسيحيين, و سرعان ما أُطلق عليهم ما افترض فيهم من ضيق الأفق و ضآلة الإدراك, بالإضافة إلى حالتهم – الاسم الحقير المزري "الأبيونيون". (19).

اضطهاد الناصريين في روما

كان نفس الأسلوب من الاضطهاد في روما. حيث كانت جماعة تعرف باسم "الجليليون"Galileos, مكونة من الناصريين و الزيلوتيين الذين اتهمهم نيرون بالمسؤولية عن حرق روما و عذبهم عقابا لهم. و طُلب من الناصريين دفع الضرائب الباهظة التي كانت مفروضة خصيصا على يهود روما:

"ولما جاوز مأمور الدخل الحد و طالبوا بغير حق كثيرا من الأشخاص الغرباء على الدم اليهودي و الديانة اليهودية, كان من المستحيل على المسيحيين, و هم الذين كثيرا ما استظلوا بظل الكنيس, أن ينجوا بأنفسهم من الاضطهاد الوحشي الجشع. و كان حرصهم شديدا على اجتناب أية شبهة وثنية, فأبت عليهم ضمائرهم أن يسهموا في تكريم ذلك الشيطان الذي تقمص شخصية جوبتير في الكابيتولينا. و لما كانت فئة كبيرة, و لو أنها في طريق الاضمحلال, بين المسيحيين, ظلت ملتزمة بشريعة موسى, فإن جهودهم في ستر منبتهم اليهودي قد فضحها الاختبار الحاسم, ألا وهو الختان." (20).

عندما نقرأ ما تعرّض له الناصريون, و الذين اتبعوهم من بعد ذلك, من اضطهاد نتذكر الآيات التالية من إنجيل يوحنا:

"سيخرجونكم من المجامع, بل تأتي ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله". (انجيل يوحنا, الإصحاح 16. 2)

عودة إلى محاكم التفتيش وصلب المسلمين ونقد المعاهدات وإجبارهم على اعتناق المسيحية وتعميدهم بالقوة وتحويل جميع المساجد إلى كنائس وحرق جميع الكتب الإسلامية

لم توفر وحشية محاكم التفتيش طفلاً أو شيخاً أو امرأة, والهدف هو إبادة المسلمين, والمطلوب من المسلمين العمل على إعادة كتابة تاريخ صحيح لمحاكم التفتيش يكشف بقية فصولها الوحشية للعالم, تمثل محاكم التفتيش أحد أسوأ فصول التاريخ الغربي دموية تجاه المسلمين، وحيث امتدت وحشيتها المفرطة لتطال المسيحيين أيضاً فيما بعد..

اتفاقية التسليم :

تم إبرام معاهدة تنص على أن يسلم حكام غرناطة المدينة للإسبان لقاء ضمان خروج الحكام بأموالهم إلى إفريقيا، كما تضمنت المعاهدة ثمانية وستين بنداً منها تأمين الصغير والكبير على النفس والمال والأهل، وإبقاء الناس في أماكنهم ودورهم وعقارهم، وأن تبقى لهم شريعتهم يتقاضون فيها، وأن تبقى لهم مساجدهم وأوقافهم، وألا يدخل الكاثوليك دار مسلم، وألا يغصبوا أحداً، وألا يولى على المسلمين إلا مسلم، وأن يُطلق سراح جميع الأسرى المسلمين، وألا يؤخذ أحد بذنب غيره، وألا يُرغم من أسلم من الكاثوليك على العودة إلى دينه، وألا يعاقب أحد على الجرائم التي وقعت ضد الكاثوليكية في زمن الحرب، وألا يدخل الجنود الإسبان إلى المساجد، ولا يلزم المسلم بوضع علامة مميزة، ولا يمنع مؤذن ولا مصل ولا صائم من أمور دينه..

وقد وقع على المعاهدة الملك الإسباني والبابا في روما، وكان التوقيعان كافيان لكي تكون المعاهدة ضمانة للمسلمين في إسبانيا، وبناء على هذه المعاهدة خرج أبو عبد الله بن أبي الحسن ملك غرناطة صباح يوم 2/1/1492م، من قصر الحمراء وهو يبكي كالنساء حاملاً مفاتيح مدينته وملكه الزائل، فأعطاها الملكة إيزابيلا وزوجها فرديناند.

فصول الاضطهاد :

الذي حدث أنه فور دخول الإسبان إلى غرناطة نقضوا المعاهدة التي أبرموها مع حكامها المسلمين، إذ كان أول عمل قام به الكاردينال مندوسيه عند دخول الحمراء هو نصب الصليب فوق أعلى أبراجها وترتيل صلاة الحمد الكاثوليكية، وبعد أيام عدة أرسل أسقف غرناطة رسالة عاجلة للملك الإسباني يعلمه فيها أنه قد أخذ على عاتقه حمل المسلمين في غرناطة وغيرها من مدن إسبانيا على أن يصبحوا كاثوليكًا، وذلكتنفيذًا لرغبة السيد المسيح الذي ظهر له وأمره بذلك كما ادَّعى..

فأقره الملك على أن يفعل ما يشاء لتنفيذ رغبة السيد المسيح, عندها بادر الأسقف إلى احتلال المساجد ومصادرة أوقافها، وأمر بتحويل المسجد الجامع في غرناطة إلى كنيسة، فثار المسلمون هناك دفاعًا عن مساجدهم، لكن ثورتهم قمعت بوحشية مطلقة، وتم إعدام مائتين من رجال الدين المسلمين حرقًا في الساحة الرئيسة بتهمة مقاومة المسيحية[4].

وظهرت محاكم التفتيش تبحث عن كل مسلم لتحاكمه على عدم تنصره، فهام المسلمون على وجوههم في الجبال، وأصدرت محاكم التفتيش الإسبانية تعليماتها للكاردينال سيسزوس لتنصير بقية المسلمين في إسبانيا، والعمل السريع على إجبارهم على أن يكونوا نصارى، وأحرقت المصاحف وكتب التفسير والحديث والفقه والعقيدة وكانت محاكم التفتيش تصدر أحكامًا بحرق المسلمين على أعواد الحطب وهم أحياء في ساحة من ساحات مدينة غرناطة أمام الناس، وقد استمرت هذه الحملة الظالمة على المسلمين حتى العام 1577م، وراح ضحيتها حسب بعض المؤرخين الغربيين أكثر من نصف مليون مسلم، حتى تم تعميد جميع الأهالي بالقوة..
ثم صدر مرسوم بتحويل جميع المساجد إلى كنائس، وفي يوم 12/10/1501م صدر مرسوم آخر بإحراق جميع الكتب الإسلامية والعربية، فأحرقت آلاف الكتب في ساحة الرملة بغرناطة، ثم تتابع حرق الكتب في جميع المدن والقرى، ثم جاءت الخطوة التالية، عندما بدأ الأسقف يقدم الإغراءات الكثيرة للأسر المسلمة الغنية حتى يعتنقوا الكاثوليكية، ومن تلك الإغراءات تسليم أفرادها مناصب عالية في السلطة، وقد استجاب له عدد محدود جدًّا من الأسر الغنية المسلمة، وهو ما أثار غضب العامة من المسلمين فهاجموا أسر الذين اعتنقوا الكاثوليكية وأحرقوا بعضها..

عندها أعلن الكاردينال خيمينيث أن المعاهدة التي تم توقيعها مع حكام غرناطة لم تعد صالحة أو موجودة، وأعطى أوامره بتعميد جميع المسلمين في غرناطة دون الأخذ برأيهم، أو حتى تتاح لهم فرصة التعرف إلى الدين الجديد الذي يساقون إليه، ومن يرفض منهم عليه أن يختار بين أحد أمرين: إما أن يغادر غرناطة إلى إفريقيا من دون أن يحمل معه أي شيء من أمواله، ومن دون راحلة يركبها هو أو أحد أفراد أسرته من النساء والأطفال، وبعد أن يشهد مصادرة أمواله، وإما أن يُعدم علنًا في ساحات غرناطة باعتباره رافضًا للمسيحية.

كان من الطبيعي أن يختار عدد كبير من أهالي غرناطة الهجرة بدينهم وعقائدهم، فخرج قسم منهم تاركين أموالهم سيرًا على الأقدام غير عابئين بمشاق الطرقات ومجاهل وأخطار السفر إلى إفريقيا من دون مال أو راحلة، وللأسف بعد خروجهم من غرناطة كانت تنتظرهم عصابات الرعاع الإسبانية والجنود الإسبان، فهاجموهم وقتلوا معظمهم، وعندما سمع الآخرون في غرناطة بذلك آثروا البقاء بعد أن أدركوا أن خروجهم من إسبانيا يعني قتلهم، وبالتالي سيقوا في قوافل للتعميد، ومن كان يكتشفه الإسبان أنه قد تهرب من التعميد كانت تتم مصادرة أمواله وإعدامه علنًا..

وقد فرَّ عدد كبير من المسلمين الذين رفضوا التعميد إلى الجبال المحيطة في غرناطة محتمين في مغاورها وشعابها الوعرة، وأقاموا فيها لفترات وأنشأوا قرى عربية مسلمة، لكن الملك الإسباني بنفسه كان يشرف على الحملات العسكرية الكبيرة التي كان يوجهها إلى الجبال، حيث كانت تلك القرى تُهدم ويُساق أهلها إلى الحرق أو التمثيل بهم وهم أحياء في الساحات العامة في غرناطة[5].

وعلى المنوال نفسه، سارت حملات كاثوليكية في بقية المدن الإسبانية، وقد عُرف المسلمون المتنصرون باسم المسيحيون الجدد تمييزًا لهم عن المسيحيين القُدامى، وعرفوا أيضاً باسم الموريسكوس، أي المسلمين الصغار، وعوملوا باحتقار من قبل المسيحيين القدامى، وتوالت قرارات وقوانين جديدة بحق الموريسكيين, فعلى سبيل المثال صدر في العام 1507م أمر بمنع استعمال اللغة العربية ومصادرة أسلحة الأندلسيين، ويعاقب المخالف للمرة الأولى بالحبس والمصادرة، وفي المرة الثانية بالإعدام، وفي العام 1508م جددت لائحة ملكية بمنع اللباس الإسلامي، وفي سنة 1510م طُبِّقت على الموريسكيين ضرائب اسمها الفارضة، وفي سنة 1511م جددت الحكومة قرارات بمنع اللباس وحرق المتبقي من الكتب الإسلامية ومنع ذبح الحيوانات على الطريقة الإسلامية.

فشل محاكم التفتيش في تنصير المسلمين بعد التفنن في تعذيبهم وإنفاق الأموال الطائلة

في حمأة تلك الحملة الظالمة على المسلمين كما رأينا، تم تشكيل محاكم التفتيش التي مهمتها التأكد من كثلكة المسلمين، وقد تبين للمحاكم أن كل أعمال الكثلكة لم تؤت نفعًا، فقد تكثلك المسلمون ظاهرًا، ولكنهم فعليًّا يمارسون الشعائر الإسلامية فيما بينهم سرًّا، ويتزوجون على الطريقة الإسلامية، ويرفضون شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، ويتلون القرآن في مجالسهم الخاصة ويقومون بنسخه وتداوله فيما بينهم، بل إنهم في منطقة بلنسية أدخلوا عددًا من الكاثوليك الإسبان في الإسلام وعلموهم اللغة العربية والشعائر
 
 الإسلامية.

لقد جاءت تقارير محاكم التفتيش صاعقة على رأس الكاردينال والملك الإسباني والبابا، في أحد التقارير التي رفعها أسقف غرناطة الموكل بتنصير مسلمي غرناطة للكاردينال، ورد أن الموريسكوس لم يتراجعوا خطوة واحدة عن الإسلام، وأنه لم يتم إيجاد طرق فاعلة لوقفهم، وإن لم يتم إيجاد تلك الوسائل فإنهم سيدخلون مسيحيي غرناطة وبلنسية ومدن أخرى في الإسلام بشكل جماعي.

وبناء على هذه التقارير تقرر إخضاع جميع الموريسكوس في إسبانيا إلى محاكم التفتيش من دون استثناء، وكذلك جميع المسيحيين الذين يُشك بأنهم قد دخلوا الإسلام أو تأثروا به بشكل يخالف معتقدات الكنيسة الكاثوليكية، ولتبدأ أكثر الفصول وحشية ودموية في التاريخ الكنسي الغربي، إذ بدأت هذه المحاكم تبحث بشكل مهووس عن كل مسلم لتحاكمه.
  
اقرأوا هذا بتأني

شاهدوا كيف تفنن النصارى في تعذيب المسلمين والمتنصرين

لأنهم شكوا في حقيقة تنصيرهم

ومحاكم التفتيش في الواقع نمط عجيب غريب من المحاكم، فقد مُنحت سلطات غير محدودة، ومارست أساليب في التعذيب لم يعرفها أو يمارسها أكثر الطغاة وحشية عبر التاريخ، وقد بدأت تلك المحاكم أعمالها بهدم الحمامات العربية، ومنع الاغتسال على الطريقة العربية، ومنع ارتداء الملابس العربية أو التحدث باللغة العربية أو الاستماع إلى الغناء العربي، ومنع الزواج على الطريقة العربية أو الشريعة الإسلامية، ووضعت عقوبات صارمة جدًّا بحق كل من يثبت أنه يرفض شرب الخمر أو تناول لحم الخنزير، وكل مخالفة لهذه الممنوعات والأوامر تعد خروجًا على الكاثوليكية ويحال صاحبها إلى محاكم التفتيش.

كان المتهم الذي يمثل أمام المحكمة يخضع لاختبار أولي، وهو أن يشرب كؤوسًا من الخمر يحددها المحاكمون له، ثم يُعرض عليه لحم الخنزير ويطلب منه أن يأكله، وبذلك يتم التأكد من المتهم أنه غير متمسك بالدين الإسلامي وأوامره، ولكن هذا الامتحان لا يكون عادة إلا خطوة أولى يسيرة جدًّا إزاء ما ينتظر المتهم من رحلة طويلة جدًّا من التعذيب، إذ يعاد بعد تناوله الخمر وأكل لحم الخنزير إلى الزنزانة في سجن سري ودون أن يعرف التهمة الموجهة إليه..

وهو مكان من أسوأ الأمكنة، مظلم، ترتع فيه الأفاعي والجرذان والحشرات، وتنتشر فيه الأوبئة، وفي هذا المكان على المتهم أن يبقى أشهرًا طويلة دون أن يرى ضوء الشمس أو أي ضوء آخر، فإن مات، فهذا ما تعتبره محاكم التفتيش رحمة من الله وعقوبة مناسبة له، وإن عاش، فهو مازال معرضًا للمحاكمة، وما عليه إلا أن يقاوم الموت لمدة لا يعرف أحد متى تنتهي وقد يُستدعى خلالها للمحكمة لسؤاله وللتعذيب.

وعادة كان يسأل المحقق في المرة الأولى إن كان يعرف لماذا ألقي القبض عليه وألقي في السجن، وما التهم التي يمكن أن توجه إليه، ثم يطلب منه أن يعود إلى نفسه وأن يتأمل واقعه، وأن يعترف بجميع الخطايا التي يمليها عليه ضميره، ويسأله عن أسرته وأصدقائه ومعارفه وجميع الأماكن التي عاش فيها أو كان يتردد عليها، وخلال إجابة المتهم لا يُقاطع، يُترك ليتحدث كما يشاء ويسجل عليه الكاتب كل ما يقول، ويُطلب منه أن يؤدي بعض الصلوات المسيحية ليعرف المحققون إن كان بالفعل أصبح مسيحيًّا أو ما زال مسلمًا، ودرجة إيمانه بالمسيحية.

وبعد هذه المقابلات البطيئة الروتينية، يقرأ أخيرًا المدَّعي العام على المتهم قائمة الاتهامات الموجهة إليه، وهي اتهامات تم وضعها بناء على ما استنتجته هيئة المحكمة من استنطاق المتهم، ولا تستند إلى أدلة من نوع ما، ولا يهم دفاع المتهم عن نفسه، إذ إن قانون المحكمة الأساسي أن الاعتراف سيد الأدلة، وما على المتهم إلا أن يعترف بالتهم الموجهة إليه، ولا تهم الأساليب التي يؤخذ بها الاعتراف، فإن اعترف المتهم تهربًا من التعذيب الذي سينتظره، أضاف المدعي العام إليه تهمًا أخرى، وفي النهاية يرى المحقق أن المتهم يجب أن يخضع للتعذيب لأنه إنما يعترف تهربًا من قول الحقيقة، أي أن التعذيب لا بد منه، سواء اعترف المتهم أم لم يعترف[6].

ويشتمل التعذيب على كل ما يخطر على البال من أساليب وما لا يخطر منها، وتبدأ بمنع الطعام والشراب عن المتهم حتى يصبح نحيلاً غير قادر على الحركة، ثم تأتي عمليات الجلد ونزع الأظفار، والكي بالحديد المحمي ونزع الشعر، ومواجهة الحيوانات الضارية، والإخصاء، ووضع الملح على الجروح، والتعليق من الأصابع..

وخلال كل عمليات التعذيب يسجل الكاتب كل ما يقوله المتهم من صراخ وكلمات وبكاء، ولا يستثنى من هذا التعذيب شيخ أو امرأة أو طفل،

وبعد كل حفلة تعذيب، يترك المتهم يومًا واحدًا ثم يُعرض عليه ما قاله في أثناء التعذيب من تفسيرات القضاة، فإذا كان قد بكى وصرخ: يا الله، يفسر القاضي أن الله التي لفظها يقصد بها رب المسلمين، وعلى المتهم أن ينفي هذا الاتهام أو يؤكده، وفي كلا الحالتين يجب أن يتعرض لتعذيب من جديد، وهكذا يستمر في سلسلة لا تنتهي من التعذيب.

أخيراً، وقبل أربع وعشرين ساعة من تنفيذ الحكم يتم إخطار المتهم بالحكم الصادر بحقه، وكانت الأحكام تتمثل في ثلاثة أنواع:

البراءة: وهو حكم نادرًا ما حكمت به محاكم التفتيش، وعندها يخرج المتهم بريئًا، لكنه يعيش بقية حياته معاقاً مهدوداً بسبب التعذيب الذي تعرض له، وعندما يخرج يجد أن أمواله قد صودرت، ويعيش منبوذاً لأن الآخرين يخافون التعامل أو التحدث إليه خوفاً من أن يكون مراقباً من محاكم التفتيش، فتلصق بهم نفس التهم التي ألصقت به عينها.

الجلد: وقد كان المتهم يساق إلى مكان عام عارياً تماماً وينفذ به الجلد، وغالباً ما كان يموت تحت وطأة الجلد، فإن نفذ وكُتبت له الحياة يعيش كوضع المحكوم بالبراءة من حيث الإعاقة ونبذ المجتمع له.

الإعدام: وهو الحكم الأكثر صدوراً عن محاكم التفتيش، ويتم الإعدام حرقًا وسط ساحة المدينة.

وفي بعض المراحل صارت المحاكم تصدر أحكامًا بالسجن، وبسبب ازدحام السجون صارت تطلق سراح بعضهم وتعدم آخرين من دون أي محاكمات، وفي بعض الحالات تصدر أحكاماً بارتداء المتهم لباسًا معينًا طوال حياته، مع إلزام الناس بسبه كلما سار في الشارع أو خرج من بيته، وفي هذه الأحكام كما قلنا لا يُستثنى أحد بسبب العمر، فهناك وثائق تشير إلى جلد طفلة عمرها أحد عشر عاماً مائتي جلدة، وجلد شيخ في التسعين من عمره ثلاثمائة جلدة، وحتى الموتى كانوا يخضعون للمحاكمة فيتم نبش قبورهم[7].

استمرار الاضطهاد والأعدام ضد المسلمين :

كل هذه المحاكم والأساليب لم تنجح في إجبار المسلمين على ترك دينهم كما تريد الكنيسة التي أدركت مدى عمق الإيمان بالعقيدة الإسلامية في نفوس الموريسكيين، فقررت إخراجهم من إسبانيا، فأصدر مجلس الدولة بالإجماع في 30/1/1608م قراراً بطرد جميع الموريسكيين من إسبانيا، ولم يحل شهر أكتوبر العام 1609م حتى عمَّت موانئ المملكة وبلنسية من لقنت جنوباً إلى بني عروس شمالاً حركة كبيرة، فرحل بين 9/1606م إلى 1/1610م نحو 120.000 مسلم من موانئ لقنت، ودانية، والجابية، ورصافة، وبلنسية، وبني عروس، وغيرها.

وفي 5/1611م صدر قرار إجرامي للقضاء على المتخلفين من المسلمين في بلنسية، يقضي بإعطاء جائزة ستين ليرة لكل من يأتي بمسلم حي، وله الحق في استعباده، وثلاثين ليرة لمن يأتي برأس مسلم قتل، وقد بلغ عدد من طُرِد من إسبانيا في الحقبة بين سنتي 1609م - 1614م نحو 327.000 شخص، مات منهم 65.000 غرقوا بالبحر، أو قتلوا في الطرقات، أو ضحية المرض، والجوع، والفاقة..

وقد استطاع 32.000 شخص من المطرودين العودة إلى ديارهم في الأندلس، بينما بقي بعضهم متستراً في بلاده بعد الطرد العام لهم، وقد استمر الوجود الإسلامي بشكل سري ومحدود في الأندلس في القرنين السابع عشر والثامن عشر.

وهكذا حكمت محاكم التفتيش في غرناطة سنة 1726م على ما لا يقل عن 1800 شخص (360) عائلة بتهمة اتباع الدين الإسلامي، ونقل كاتب إسباني أخبار محاكمة وقعت في غرناطة سنة 1727م، وفي 9/5/1728م، احتفلت غرناطة بـ (أوتودافي) ضخم، حيث حكمت محاكم التفتيش على 64 غرناطيًّا بتهمة الانتماء للإسلام، وفي 10/10/1728م، حكمت محكمة غرناطة مرة أخرى على ثمانية وعشرين شخصاً بتهمة الانتماء إلى الإسلام، وتابعت محاكم غرناطة القبض على المتهمين بالإسلام إلى أن طلبت بلدية المدينة من الملك سنة 1729م طرد كل الموريسكيين حتى تبقى المملكة نقية من الدم الفاسد.

وفي سنة 1769م تلقى ديوان التفتيش معلومات عن وجود مسجد سري في مدينة قرطاجنة مقاطعة مرسية، فتم إلقاء القبض على أكثر من مائة مورسكي حوكموا وأعدم معظمهم علناً[8].

الشائعات والإرهاب للمسلمين رجال وأطفال ونساء بل والمسيحيون أيضاً!

إننا مهما أسهبنا في استعراض محاكم التفتيش فإننا لن نلم إلا بجزء يسير جدًّا من صفحاتها السوداء الوحشية، ولن نستطيع استعراض إلا جزء يسير جدًّا من جرائمها التي طالت مسلمي إسبانيا، وقد بلغ الرعب الذي سببته تلك المحاكم حدًّا لا يوصف بين سكان إسبانيا..

فقد كان جر أي إنسان إلى محاكم التفتيش عملية سهلة، وقد يقوم الاتهام لمجرد إشاعة، أو يذهب الإنسان بنفسه ليعترف رعباً، أو دليلاً على حسن نيته، بلفظ تفوه به عرضاً ودون أن يعني له شيئاً ويخشى أن يكون قد سمعه أحد، وفتح الباب على مصراعيه أمام الضغائن الشخصية، الذي يطمع بزوجة جاره، والمالك الذي يريد أن يهرب من أجر عامله، والتاجر الذي يخشى من منافسة زميل له، حتى الأطفال في أثناء لعبهم مع بعضهم بعضاً كانوا معرضين للاتهام، كأن يذهب طفل ويشي بطفل آخر متهماً إيّاه أنه قال كذا وكذا في أثناء اللعب، فيلقى القبض على الطفل المتهم ويحاكم، وغالباً يموت لأنه لا يتحمل أهوال التحقيق والتعذيب والسجن..

وهكذا صار الطريق واسعاً وعريضاً لكل من يريد أن يتخلص من أي إنسان، وأي تهمة صالحة لأن تدفع بمسلم سابق إلى أعماق السجون سواء كان هذا المسلم السابق رجلاً أو طفلاً أو شيخاً مسنًّا.

ومن الإنصاف أن نذكر أن ضحايا التفتيش لم يكونوا فقط من المسلمين السابقين، بل كانوا من المسيحيين أيضاً، فقد انتهجت الكنيسة السلوك الإرهابي عينه تجاه المسيحيين عن طريق محاكم التفتيش التي أوكلت إليها مهمة فرض آرائها على الناس باسم الدين والبطش بجميع من يتجرأ على المعارضة والانتقاد..

فنصبت المزيد من المشانق وأعدمت الكثيرين من المسيحيين عن طريق حرقهم بالنار، حيث يقدر عدد الضحايا المسيحيين ممن جرت عملية إعدامهم من قبل محاكم التفتيش (300.000)، أُحرق منهم (32.000) أحياء، وقد كان من بينهم العالم الطبيعي المعروف برونو الذي نقمت عليه الكنيسة نتيجة آرائه المتشددة التي منها قوله بتعدد العوالم وكذلك الأمر فيما يتعلق بالعالم الطبيعي الشهير جاليليو الذي نفذ به القتل, لأنه كان يعتقد بدوران الأرض حول الشمس[9].

ليتذكر الصليبيون والصهاينة :-

بعد الذي عرضناه عن محاكم التفتيش السؤال التالي: لماذا نعود إلى محاكم التفتيش ونستعرضها هكذا؟ هل لنتباكى على مآس مضت أم لنستذكر أحزاناً انقضت.

الإجابة نستشفها مما فعله ويفعله الصهاينة بسبب ما زعموه من محارق الهولوكوست وما ادَّعوه من حرق النازية لآلاف اليهود في المحارق، فما زالت الصهيونية تضع الغرب بشكل خاص والعالم بشكل عام أمام تلك المحارق التي كانت أحد تبريراتها لاحتلال فلسطين، بينما ما زال العالم يجهل الكثير عن محاكم التفتيش التي ذهب ضحيتها آلاف وآلاف المسلمين..

وإذا كانت محارق النازية قد استمرت أعواماً، فقتل وإحراق وتعذيب المسلمين عبر محاكم التفتيش استمر مئات من الأعوام، وفي الوقت الذي تفتح فيه دول الغرب النصراني أرشيفها، ووثائقها للصهيونية لتؤلف منه ما تدَّعي أنه وثائق عن محارق اليهود في عهد النازية، مازال الفاتيكان والكنائس ترفض فتح أرشيفها وكشفه أمام المسلمين وغير المسلمين كي لا تظهر وثائق جديدة عن فظائع محاكم التفتيش!!

إن المسلمين بحاجة الآن لدراسة متمعنة لتاريخ محاكم التفتيش وفظائعها وضحاياها من المسلمين، وأن تُعتمد وثائق أرشيف الفاتيكان والكنائس الكاثوليكية في إسبانيا وغيرها من الدول النصرانية لوضع تاريخ حقيقي لتلك المحاكم وإبراز هذا التاريخ للعالم مع مقارنة موضوعية بين التعسف الكنسي والجرائم التي ارتكبت ضد المسلمين باسم المسيحية، وبين التسامح الإسلامي وكيف عاش المسيحيون بأمان وسلام في الدولة الإسلامية بحماية الإسلام الحنيف، مع ملاحظة أن معظم ما كُتب عن محاكم التفتيش حتى الآن يعتمد على رؤية نصرانية من قِبَلِ مستشرقين ومؤرخين غير مسلمين، وبما تسمح به السلطات النصرانية.

المصدر: موقع محاكم التفتيش، نقلاًَ عن مجلة الوعي الإسلامي.

- المزيد من مقالات تاريخية
- المزيد من مقالات تاريخ الأندلس
- محاكم التفتيش بقلم د. راغب السرجاني
- محاكم التفتيش .. شهادة الكولونيل الفرنسي ليموتسكي بقلم د. راغب السرجاني
[1] وول سميث ـ تاريخ أوروبا في العصور الوسطى ـ دار الحقائق ـ بيروت ـ 1980م.

[2] جريدة الجماهير: 2/2/2001م ـ حلب.

[3] الدكتور طاهر أحمد مكي ـ مسلم إسباني أمام محاكم التفتيش ـ مجلة الدوحة ـ قطر ـ 1981م.

[4] وائل علي حسين ـ محاكم التفتيش والمسئولية الغربية ـ مجلة الراية ـ العدد 186 ـ بيروت ـ 1982م.

[5] نفس المصدر.

[6] عبد الرحمن حمادي ـ نحو منهج جديد لإعادة كتابة التاريخ العربي ـ ندوة إعادة كتابة التاريخ العربي ـ الرباط ـ 1991م ـ مجلة الوحدة ـ عدد خاص عن الندوة ـ الرباط ـ 1991م.

[7] طاهر أحمد مكي ـ مصدر سبق ذكره.

[8] وائل علي حسين ـ مصدر سبق ذكره.

[9] وول سميث ـ ويلاحظ أن تركيز المؤرخين النصارى على عدد المسيحيين الذين كانوا ضحية لمحاكم التفتيش يأتي من باب تقليل أعداد الضحايا من المسلمين والإيحاء بأن المسيحيين كانوا هم الضحايا الأكثر.

و أخيرا فإن ما ذكرناه ليس إلا نقطة فى بحر تاريخ دين المحبة الذى يبنذ الأرهاب و أخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق